على أن الصحافة في سورية، شأنها شأن الصحافة في لبنان، كانت تحيا حياة خطرة، ويرجح هذا بخاصة إلى أن الحكومة كانت تعالج اى نقد مستقل لتصرفاتها بقسوة بالغة، ومن ثم نجد أن كثيرًا من الصحفيين السوريين اللبنانيين لجأوا إلى مصر؛ وبعد قيام الانتداب الفرنسى نمت صحافة دمشق نموًا واسع النطاق جدًّا، وظهر عدد كبير من الصحف، ولكن أرقام التوزيع كانت في معظم الحالات تظل في مستوى منخفض؛ وفي سنة 1929 وحدها ظهرت 9 صحف عربية يومية، وصحيفتان فرنسيتان يوميتين، إلى جانب عدد متفاوت من المجلات الدورية؛ ومن الواضح أن هذا العدد أكثر مما يجب، لأن عددًا بهذا الحجم لم تكن تبرره بحال الظروف نفسها التي كانت تسود بيروت؛ ومع ذلك فقد زاد هذا العدد فعلا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد سجل في سنة 1946 وجود 19 صحيفة يومية في دمشق و 7 في حلب وصحيفة واحدة في حماة، وكذلك ثلاث مجلات دورية في دمشق (Cahiers de I'Orient Contemporain رقم 4، ص 812 - 813). ومن عهد الانتداب لم يبق من هذه الصحف سنة 1956 إلا صحيفتا "ألف باء" (سنة 1920) و"الأيام" (سنة 1931) وكلتاهما معتدلتان، و"القبس" (سنة 1928) و"الأخبار" (سنة 1928) و "الإنشاء" (سنة 1936) وهي ألسنة حال الحزب الوطنى؛ وعلاوة على هذه الصحف اليومية المخضرمة ظهرت 15 صحيفة أخرى تمثل كل نوع من أنواع الرأى السياسي، وفي الوقت نفسه ظهرت ست مجلات دورية، وظهرت في أماكن أخرى من سورية نحو عشر صحف أخرى، وهي ألسنة حال الأحزاب المختلفة؛ ولنا أن نلاحظ أن صحيفة حلبية مستقلة أنشئت سنة 1928 وكانت تنشر بالفرنسية باسم " l'صلى الله عليه وسلمclair du Nord" وفي سنة 1945 أصبح اسمها "برق الشمال".
فلسطين: كان تطور الصحافة العربية في فلسطين أبطأ مما كان في مصر أو سورية أو لبنان، وقد وقع هذا التطور في وقت متأخر عنه في غيرها؛ ولا شك أن المطبوعات السورية