الوزير الفرنسى المقيم هو صاحب الأمر الحقيقي في البلاد، وقد عرف منذ 23 يونية سنة 1885 بالمقيم العام، وكان وزيرًا مفوضا للجمهورية الفرنسية في القطر التونسى، يأتمر بأمر وزير الخارجية الفرنسية. وكان بوصفه وزير خارجية الباى (لايتصل الباى بباريس إلا عن طريقه) ورئيس مجلسه يوقع إلى جانبه على المراسيم التي أصبحت نافذة منذ مرسوم يناير 1883. وكان يأتمر بأمره قواد جميع الجيوش في البر والبحر، كما كان يشرف على جميع المصالح الإدارية. ولم يترك للباى سوى حرس صغير من ستمائة رجل، وكان رعاياه مجبرين على الانخراط في جيشه (مرسوم الباى الذي صدر في 12 يناير عام 1892 الخاص بالتجنيد) وكان هذا الجيش بمثابة قسم من الجيش الفرنسى، وقد هلك منهم ما يزيد على العشرة آلاف رجل في سبيل فرنسا إبان الحرب العظمى ما بين 1914 - 1918

ويجلس في مجلس الوزراء إلى جانب اثنين من الوطنيين، صارا فيما بعد ثلاثة، المديرون الفرنسيون أو رؤساء المصالح الفرنسويون، وسرعان ما زاد عددهم، ثم قائد جيش الاحتلال وأمير بحرية بنزرت اللذان يقومان بأعمال وزير الحربية وقائد الأسطول، وكل من هؤلاء الرؤساء يصدر اللوائح.

وأصبحت "القائديات" التي تنقسم إليها القبائل أقساما إدارية، وأصبح على رأس كل قائد مراقب فرنسى مدني.

وليس للتشريع التونسى الذي تتفرد به تونس نظير في الغالب. والمسائل التي تتصل بالمقيم العام والمراقبين المدنيين والقضاء الفرنسى هي وحدها التي فصل فيها بمراسيم صدرت من رئيس الجمهورية الفرنسية. والحالة السياسية والإدارية القائمة في تونس، والنظام القضائى الذي أخذت ترسخ أصوله، تبرر ماقيل من أن في تونس سلطتين إحداهما سلطة الباى المحافظة والأخرى سلطة الفرنسيين، رهى أحدث وأنزع إلى التقدم. وكان أهم ماواجه الأمة صاحبة الحماية هو الحد بقدر المستطاع من التدخل الأجنبي بصورتيه المالية والقضائية. فضمنت فرنسا الدين التونسى ووافقت بريطانيا العظمى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015