المذكورين، وكذلك ما جاء عن فيلسوفنا فى كتاب الكامل لابن الأثير وتاريخ الأولياء لفريد الدين العطار وكشف الظنون لحاجى خليفة- ضوءا جديدا على ما خفى من جوانب حياة الرئيس، وخاصة على تواريخ أسفاره وكتبه، وذكر شيوخه وتلاميذه والأعلام الذين اتصل بهم مما لا يعرف من الترجمة المتداولة التى اعتمد عليها ده بور.
ولد ابن سينا بأفشنة عام 370 هـ وانتقل مع أسرته إلى بخارى عام 375 هـ وأتم دراسة اللغة والأدب وهو فى سن العاشرة على رجل لم تذكره الرواية المعروفة، ويحتمل أن يكون هذا الرجل هو أبا بكر أحمد بن محمد البرقى الخوارزمى (حاجى خليفة، جـ 3، ص 376). وتذهب الترجمة المعروفة إلى أنه درس الطب بمفرده، ويروى من جهة أخرى أنه تلقاه على أبى سهل المسيحى وأبى منصور الحسن بن نوح القمرى.
وانتقل من بخارى إلى كركانج عام 392 هـ إثر سقوط عرش السامانيين بين يدى أمير غزنة السلطان محمود بن سبكتكين وخرج من كركانج إلى جرجان عام 403 فارا من وجه سلطان غزنة أيضا (السمرقندى القصة 36)، ويحتمل أن تكون قصة لقائه لأبى سعيد بن أبى الخير شيخ متصوفة ذلك العصر التى ذكرها فريد الدين العطار قد وقعت فى نفس هذا العام، ونجده فى عام 406 هـ بالرى ثم بهمذان حيث ولى الوزارة مرتين ولاشك فى أنه ترك الوزارة قبل عام 411 هـ لأننا نجد فى أخبار هذا العام عند ابن الأثير ذكرا لوزير آخر. وبقى بعد وزارته مضطهدا من أمير همذان الجديد ووزيره تاج الملك: فبثت حوله العيون، وسجن بعض الزمن، وظل زمنا مختبئا حتى فاز بالفرار إلى أصفهان عام 414 هـ. ولاشك فى أن رسائله الرمزية التى صنفها فى فترة اضطهاده وفراره لاتصور نزعة صوفية -كما يرى مهرن Menhren - بقدر ما تصور أزمتة النفسية ولم تقتصر حياته السياسية على الوزارة والنضال فى سبيلها بهمذان، ذلك لأنه عاش طوال حياته يبغض أمراء غزنة رغم ما بذلوه فى اجتذابه إليهم (انظر قصة فراره من كركانج، السمرقندى، القصة 36) واشترك إذ كان بأصفهان فى بعض