مرتين أولاهما عام 1686 والثانية , عام 1694، وأصحبت ذلك فتن سفكت فيها الدماء. ولم تكن الأسوار من المناعة بحيث ترد هجومًا عنيفًا، ولم تتبع في بنائها "قاعدة من قواعد التحصين فلا تعد من الحصون الأبراج المربعة المتصلة بالجدران على مسافات بينها". بل إن تونس وقعت للمرة الثانية تحت رحمة أهل الجزائر حتى في عهد الحسينية، ونهبها هؤلاء الجزائريون عام 1735 م، فحاول التوانسة عبثًا أن يقفوا في وجوههم عام 1756 واستعانوا في ذلك بحصون تعجل على باشا وولده محمد في بنائها: وهذه الحصون متراس له كوات وخندق بين الحصنين حديثى البناء القائمين على جبل الجلاز والمنوبية وقلعة محصنة وراء القصبة. وقد ورد في هذا العصر ذكر حصنين آخرين يتوجان الرابيتين ناحية الشمال الغربيّ. وهما بلا شكُ برج السوارة أو طاحونة الريح (وهي حصن الأسيان) وبرج الرابطة أي رابطة الباى) ويكتنفه على مسافة يسيرة برج فلفل الصغير (انظر Corres . Tunis: Plantet. تونس، جـ 2، ص 501، وانظر فيما يختص بعام 1829 م Relations inedit ... : Monchicourt ,: ، ص 47، 91).
وقد زودت المدينة ببنايات أخرى في الفترات التي رفرف فيها السلام، ففي أيام رأس الدولة الجديدة حسين بن علي توفيت الأميرة عزيزة عثمانة، عام 1710، هي كبرى حفيدات الداى عثمان، ودفنت بالقرب من مدرسة الشماعية. وقد انتفع كثير من منشآت البر والتقوى بجزيل عطاياها. وكان حسين نفسه بنّاءًا عظيمًا، فقد شيد في تونس (انظر المشرع الملكى سنة 1895، ص 328 - 239) في الحى الجنوبي من المدينة الجامع الجديد أو "جامع الصَباغين" ومئذنته مثمنة الشكل. وهو الذي اختط الطرق والبنى الملاصقة لسوق السكّاجين أي صانعى عدة الخيل، وفي عهده شيد ضريح الداى قره مصطفى بجوار مسجد القصر وهو الذي نقل قصبة ملكه إلى باردو. وقد عنى ببناء المدارس على الرغم من التأخر في دراسة العلوم