يصح أن ينكر منه ما يقتضيه، ويجب الاقتصار في الاستعانة على فهمه على كل ما يضاف علمه إلى العرب خاصة، فيه يوصل إلى علم ما أودع من الأحكام الشرعية، فمن طلبه بغير ما هو أداة له ضل عن فهمه، وتقول على الله ورسوله فيه .. وتلك هي الخلاصة الشاملة لما أكمله الشاطبى بيانا في غير موضع من الموافقات، بعد ما عرض لأصله الجامع وفيما أشرنا إليه من صفحات ...

وإذا كان هذا هو الرأى القديم العهد، في فهم القرآن فهما يجعله مصدر العلوم المختلفة، ويأخذ كلمه باصطلاحات حادثة بعده بأزمنة غير قصيرة فإنك لتضم إلى هذا البيان، من النظرات الحديثة ما يؤيده ويعززه، فمنها:

1 - الناحية اللغوية، في حياة الألفاظ وتدرج دلالتها؛ لو ملكنا منها ما لا بد لنا أن نملكه، في تحديد هذا التدرج، وتأريخ ظهور المعاني المختلفة للكلمة الواحدة، وعهد استعمالها فيها لوجدنا من ذلك ما يحول بيننا وبين هذا التوسع العجيب في فهم ألفاظ القرآن، وجعلها تدل على معان واطلاقات لم تعرف لها، ولم تستعمل فيها، أو إن كانت تلك الألفاظ قد استعملت في شيء منها، فباصطلاح حادث في الملة، بعد نزول القرآن باجيال .. وسترى فيما يلي - من بيان عن التفسير اليوم، وكيف يتناول - ما يكشف عن هذا الجانب كشفًا كافيًا.

2 - الناحية الأدبية، أو البلاغية إن شئت، - والبلاغة فيما يقال: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فهل كان القرآن على هذا النحو المتوسع من التفسير العلمي، كلامًا يوجه إلى من خوطب به من الناس في ذلك العهد، مرادًا به تلك المعاني المذكورة مع أنها معان من العلم لم تعرفها الدنيا إلا بعد ما جازت آمادًا فسيحة، وجاهدت جهادًا طويلًا، ارتقى به عقلها وعلمها! ! ! وهب هذه المعاني العلمية المدعاة كانت هي المعاني المرادة بالقرآن فهل فهمها أهل العربية منه إذ ذاك وأدركوها؟ !

وإذا كانوا قد فهموها فما لنهضتهم العملية في علوم الحياة المختلفة لم تبدأ بظهور القرآن، ولم تقم على هذه الآيات الشارحة لمختلف نظريات العلوم المفهمة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015