وهل يؤود محبى العلم القرآنى، ثم هذه المعاهد الدينية الفسيحة، ثم الدولة معهم أن يجمعوا من ذلك كل ما عرفت الدنيا من هذا المكتوب عن القرآن، أو صورة منه على الأقل، قبل أن يفكروا في أشياء كثيرة لا تقدم العلم المديني ولا تؤخره؟ ! !

* * *

وإذا ما نظرنا إلى المعالم الكبرى في تدرج التفسير، وجدنا أن صلة الإسلام بالحياة، ومنزلة القرآن في ذلك من حيث هو مرجع المسلمين في شئونهم المختلفة، قد جعلت تدرج الحياة يظهر أثره واضحًا في حياة التفسير، فبعد ما كان يشيع التحرج من القول في القرآن، حتَّى في تفسير لفظه كالأب (?)، والخبر (?)؛ صار الأمر إلى إختلاف الناس في أن تفسير القرآن: هل يجوز لكل ذي علم الخوض فيه؟ " فرأى قوم أن من كان ذا أدب وسيع، فموسع له أن يفسره، وقال قوم: لا يجوز لأحد تفسير شيء من القرآن وإن كان عالمًا أديبًا وإنما له أن ينتهى إلى ما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابه - رضه - إلخ. وكان التحقيق، أن المذهبين هما الغلو والتقصير، فمن إقتصر على المنقول إليه، فقد ترك كثيرًا مما يحتاج إليه. ومن أجاز لكل أحد الخوض فيه فقد عرضه للتخليط (?). وعلى أساس هذا التحقيق ذهبوا يبينون ما ينطوى عليه القرآن، وما يحتاج إليه مفسره من العلوم، ويذكرون شرائط المفسر ويعدون من ذلك علومًا لغوية وعقلية، وموهبية، من تكاملت فيه، خرج من كونه مفسرًا للقرآن برأيه، لان القائل بالرأى إذ ذاك إنما هو من لم تجتمع عنده آلالات التي يستعان بها في ذلك، ففسره تخمينًا وظنا (?) وهو التفسير بمجرد الرأى.

هكذا يلمح الناظر في تدرج التفسير طرفين متقابلين، ووسطا أو أوساطا، يختلف قربها من الطرفين، فأما أحد هذين الطرفين وأولهما فهو: التحرج من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015