للتفسير حدًّا ولا بيان موضوع ومسائل، لأنه ليس قواعد وملكات ناشئة عن مزاولة القواعد، كغيره من العلوم التي استطاعت أن تشبه العلوم العقلية؛ فيكتفى في إيضاح التفسير بأنه: بيان كلام الله: أو أنَّه المبين لألفاظ القرآن ومفهوماتها .. (?) ومنهم من يتكلف له التعريف فيذكر في ذلك ما يشمل غير التفسير من العلوم "كعلم القراءات؛ كما يشمل أقدارًا من علوم أخرى يحتاج إليها في فهم القرآن، كاللغة، والصرف، والنحو، والبيان ... والمسلك الأول أسلم، وأبعد عن الأطالة بما ليس وراءه كبير جدوى.

والتفسير أحد العلوم -أو الدراسات- الشرعية التي حاول الأولون ضبطها باعتبار ما كعادتهم، فقالوا: إنها إما مدونة لبيان السنة النبوية لفظًا وإسنادًا، وهو الحديث، وعلم أصوله. هامًا مدونة لإظهار ما قصد بالقرآن وهو التفسير ... إلى آخر ما يسوقونه من بيان هذا الاعتبار الضابط لأنواع العلوم الشرعية (?).

ويعرضون في هذا المقام لذكر التأويل، وأنه هو والتفسير بمعنى واحد، أو أن التفسير أعم من التأويل؛ أو غير ذلك مما لا نطيل القول فيه ... وأحسب أن منشأ هذا كله هو استعمال القرآن لكلمة التأويل، ثم ذهاب الأصوليين إلى اصطلاح خاص فيها، مع شيوع الكلمة على ألسنة المتلكمين من أصحاب المقالات والمذاهب .. ولعل من خير ما يحرر به معنى كلمة "تأويل" ماذكره الراغب الإصفهانى مرويًّا عن ابن عباس، في رسالته "مقدمة التفسير" التي طبعت ملحقة بكتاب تنزيه القرآن عن المطاعن (?)؛ ثم تولى ابن تيمية تفصيل هذا الموجز وإيضاحه في رسالته "الإكليل في المتشابه والتأويل" (?) بيان كنت لم أره

طور بواسطة نورين ميديا © 2015