وقوله: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ}.
وقوله: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)}.
ومادة ولى في ما يرجحه أئمة المفسرين -كالطبرى والزمخشرى والرازى- تدل على معنى القرب، فولى كل شيء هو القريب منه في اللغة، والقرب من الله بالمكان والجهة محال، فولى الله من كان قريبا منه بالصفة التي وصفها الله، أي الإيمان والتقوى.
وإذا كان العبد قريبًا من حضرة الله بسبب كثرة طاعاته وكثرة إخلاصه، وكان الرب قريبًا منه برحمته وفضله وإحسانه فهناك حصلت الولاية. ثم تطور معنى الولى تبعًا لما حدث في الملة من المذاهب المختلفة، وتبعًا لتطور التصوف نفسه. فأصبح الولى عند المتكلمين هو من يكون آتيًا بالاعتقاد الصحيح المبنى على الدليل، ويكون أتيا بالأعمال الصالحة على وفق ما أتت به الشريعة، وإليه الإشارة بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} ذلك أن الإيمان مبنى على الاعتقاد والعمل، ومقام التقوى هو أن يتقى العبد كل ما نهى الله عنه.
أما الصوفية فيقولون -كما في الرسالة القشيرية: إن الولى له معنيان: أحدهما أن يكون فعيلا بمعنى مفعول كقتيل وجريح بمعنى مقتول ومجروح، وهو الذي يتولى الحق سبحانه حفظه وحراسته، فلا يكله إلى نفسه لحظة بل يتولى رعايته على التوالى ويديم توفيقه إلى الطاعات.
ثانيهما -أن يكون فعيلا مبالغة من الفاعل، كالعليم والقدير فيكون معناه من يتولى عبادة الله وطاعته، فطاعته تجرى على التوالى من غير أن يتخللها معصية، فيكون وليا بمعنى توالى طاعاته لربه، ووليا بمعنى توالى فضل ربه عليه، وكلا المعنيين يجب تحقيقه حتى يكون الولى وليا، فيجب أن يتحقق قيامه بحقوق الله تعالى على الاستقصاء والاستيفاء، ويتحقق دوام حفظ الله تعالى إياه في السراء والضراء، فالولاية عندهم عبارة عن دوام الاشتغال بالله والتقرب إليه بطاعته. وإذا كان العبد بهذه الحالة فلا