من الحكم التركى والأحداث التي تلت الاحتلال النمسوى للبلاد، نذكر صالح صدقى أفندى حاجى حسينوفتش (توفي سنة 1305 هـ - 1888 م) ومحمد أفندى قاضيج (1271 هـ = 1885 م - 1349 هـ 1931 م) جامع مواد تاريخية نسخها بنفسه (28 كتابًا، وتوجد نسخة من المخطوط مودعة في مكتبة غازى خسرو بك، بسراييفو). والتحول عن طريقه تدوين التاريخ القديمة تظهر في مؤلف شيخ سيف الدين أفندى كموره (المتوفى سنة 1335 هـ / 1917 م) وكذلك تتجلى بعض خصائص الدراسات الإسلامية الأولى وبعض مفاهيم التدوين التاريخي في مؤلفات دكتور صفوت بك باشا كيج (1870 - 1934) أول مؤرخ عصرى للفترة التركية وأول عالم شرقي في البوسنة والهرسك، وكان شاعرًا أيضًا.
ومع ذلك، فإننا نجد منذ سنة 1878، وبخاصة منذ سنة 1918 (وبصرف النظر عن المدرسة الرومانتيكية في الفكر التي مازالت تتمسك بالمعتقدات الأولى ويعد الدكتور باشا كيج من ممثليها البارزين) أن الجهود الأدبية قد جنحت أكثر وأكثر إلى الاندماج في الآداب الصربية الكرواتية. وأ. ق. جابيج (المتوفى 1918 م) كان مفتى مستر، ومجاهدًا كبيرًا في سبيل الاستقلال الذاتى الدينى. وكان له في تركية القدح المعلى استاذًا في اللغة العربية والأدب، وأخرج أيضًا مجموعة من مختارات القصائد لمعاصرى النبي.
وكانت المكاتب والمدارس والمعاهد الدينية (المساجد والتكايا وأمثالها) مستنبت التربية الإسلامية والثقافة في البوسنة والهرسك، كما كانت في كل الولايات التركية. والمكاتب، كما هي العادة، ملحقة بالمساجد، وكانت تقوم بالتربية الابتدائية التي أساسها تعليم قراءة القرآن والمبادئ الدينية الأولية. أما المدارس الثانوية والعالية فقد أنشئت على غرار المدارس التركية. وأول مدرسة سجلت في سراييفو ترجع إلى الربع الأول من القرن العاشر الهجرى (أوائل القرن السادس عشر للميلاد).