على كاهل الفلاحين، وعلاوة على ذلك فإن الضرائب والمكوس التي أكره الفلاحون (كمت) على دفعها دون مسوغ لم يكن لها نصاب معين بل كانت تجبى استبداديًا. ومثل هذه الأحوال كانت سببًا في السخط العام بين الفلاحين، وأثارت فتنًا متوالية.
وأخذ طاهر باشا وزير البوسنة على عاتقه تسوية المسألة الزراعية (في سنة 1848 م) ويقضى مشروعه الجديد بأن لملاك الجفتلكات أن يحصلوا على ثلث المحصول السنوى، وأن تلغى السخرة، وذلك فيما عدا الهرسك التي سمح فيها للفلاحين (كمت) بتوريد الثلث من محصولهم، على أن يسرى مفعول التعهدات التي أخذت على ملاك الجفتلكات في مدينة سراييفو- كتزويد الفلاحين (كمت) بالبذور والثيران والمساكن في كافة أنحاء البوسنة. ولكن ملاك الجفتلكات أخذوا يحصلون على ثلث المحصول في كل مكان، وأصروا على السخرة. ولم يوفوا بتعهداتهم التي قطعوها على أنفسهم. وسبب هذا الكثير من السخط بين الفلاحين، ولم يرض عنه ملاك الجفتلكات أيضًا، واقتضى الأمر القيام بمحاولات فاشلة قبل أن يبت في الأمر نهائيًا- بعد أن أصبح القانون الزراعى نافذًا (في خلال شهر رمضان سنة 1274 هـ) بمرسوم أعلن في صفر سنة 1276 هـ (سبتمبر 1859 م) يقرر الإجراءات المألوفة بالنسبة للفلاحين (كمت). ولم تتخذ، مع ذلك، شروط لتوحيد نظام الضرائب وغيرها من المكوس لتطبيقها في أنحاء البوسنة والهرسك كافة. وبقيت مواد المرسوم الخاصة بنظام حق ملكية الأراضي سارية المفعول حتى نهاية سنة 1918 م.
وتسببت هذه الأحوال غير المرضية في قيام سلسلة من الفتن بين الفلاحين حوالي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي. وعندما تضافرت جهود حشود من الفلاحين النصارى والفلاحين (كمت) والأغوات والبيكوات، أخذت الفتنة الكبيرة في سنة 1875 م لونًا سياسيًا باشتراك سكان المدن من الصرب فيها، وبخاصة بعد نشوب الحرب بين بلاد الصرب والجبل