وفي الحرب بين النمسا وتركية (1788 - 1791) ألقيت مسئولية الدفاع عن نواحى الحدود على قوات البوسنة. وبصرف النظر عن استيلاء الجيوش النمسوية على بعض حصون الحدود (1788 - 1790 م) فإنهم لم يحرزوا إلا نجاحًا هزيلًا. وتنازلت تركية بمقتضى معاهدة سفيشتوف عن جزء صغير من أراضيها. وجلا النمساويون عن الحصون التي احتلوها.
وفي مستهل القرن الثالث عشر الهجرى (نهاية الثامن عشر الميلادي) أدخل السلطان سليم الثالث سلسلة من الإصلاحات والإجراءات لكبح جماح الإنكشارية. وجاءت سياسة الإصلاحات المقترحة معاكسة للأسس الثابتة والنفوذ السائد لطبقة الأشراف من المسلمين، وللمركز المتميز للسكان المسلمين في المدن في إيالة البوسنة.
(جـ) فترة الإصلاحات في تركية والفتن في البوسنة.
لم يكن في الإمكان أن تقابل الإصلاحات التركية الجديدة في البوسنة إلا بالسخط، وذلك لتدخلها كما هو واقع، في الكيان الحربى الوطيد. ولأنها موجهة ضد الإنكشارية وسباهية الجيش. وشنت عدة حملات على العصاة في بلاد الصرب اشترك فيها بيكوات وأغوات وجموع غفيرة من سكان المدن، ومع هذا فقد انهزم الجيش البوسنوى هزيمة فادحة عند ميشار (1806 م). وحدثت بعد ذلك بقليل قلاقل من فلاحى الصرب في البوسنة ولكنها أخمدت سريعًا. واحتاج الأمر إلى جهود أكبر ليتم قمع تمرد الدروبنياكية في الهرسك قمعًا باتًا. واشترك مسلمو البوسنة كذلك في قمع القلاقل في بلاد الصرب سنة 1813 م.
وتحسنت التجارة العابرة (ترانزيت) أثناء فترة حصار نابليون للقارة. واستخدمت طرق البوسنة في ذلك الوقت لنقل القطن بصفة خاصة. وقام بهذا العمل تجار من الصرب ويهود، أصبح كثير منهم بسبب ذلك من الأغنياء. واعتمد التجار المسلمون في البوسنة في نجاحهم على الاحتفاظ بالميزات والحقوق الخاصة التي كانت