وأثرت التغييرات في ملكية الأراضي وفي السياسة الاقتصادية على الفلاحين المسيحيين بنوع خاص؛ وقلما تدخل أحد في أراضى الفلاحين المسلمين. ووسعت الضرائب المتصاعدة والاستغلال المتزايد من شقة الانقسام الموجود بين طبقتى الفلاحين. ومن ثم كثر فرار الفلاحين النصارى عبر الحدود وازداد الخارجون على القانون (بالتركية: حيدوت) الذين عملوا قطاع طرق وهددوا الأمن في الطرق.

وصارت الاتجاهات نحو تطوير الزراعة وغيرها من فروع الاقتصاد القومى التي تجلت في فترة مبكرة، أشد ظهورًا أثناء النصف الثاني من القرن العاشر الهجرى (السادس عشر الميلادي) وأثناء القرن الحادي عشر الهجرى (السابع عشر الميلادي). وأخذت صناعة التعدين في التدهور ووصلت في آخر القرن إلى الحضيض. ونمت المدن وتطورت في النصف الثاني من القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر الميلادي نتيجة لاتساع الصناعة والتجارة. وثبت أن افتتاح ميناء أسبليت (1592) -المنافس لميناء دبروفنك- حادث ذو أهمية عظيمة في تجارة البوسنة. وخضعت النقابات المهنية في المدن لأمر الانكشارية دون سواهم، مما أدى بعد ذلك إلى تحول هذه النقابات إلى مؤسسات مغلقة. وظهر الأعيان والأغوات ذوو السطوة في أعداد متزايدة. وكان جانب من سكان المدن مع ذلك، من المسيحيين، وكان منهم صناع وتجار. وتبع ازدياد هجرة أهل القرى إلى المدن زيادة الضرائب على الأراضي المهجورة زيادة كبيرة، وطوال النصف الثاني من القرن العاشر والنصف الأول من القرن الحادي عشر الميلاديين ارتفع شأن بعض المدن وحجمها وبخاصة مدينة سراييفو. وساعد تكدس الثروات على الاشتغال بالربا، وكان في المدن -علاوة على الطبقة المسلمة الموسرة- أسر مسيحية بذاتها من تجارأغنياء وتجار جملة -مرابون مسيحيون. وظهر في النظام الاجتماعى المدني اتجاه واضح نحو تفرقة حادة بين الذين هم أغنياء (الطبقة ذات النفوذ السياسي) وبين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015