الحكم في فينا تجاه شؤون الشرق تقتضي الاحتفاظ بكيان الدولة العثمانية تنفيذًا للاتفاق الذي عقدته الدول الغربية. وظل هذا المبدأ مرعيا على الرغم من أن الاضمحلال كان قد أخذ يدب في أوصال الدولة التركية: إذ فقدت الصرب (1804 - 1715 م) ومصر واليونان. وبدأت الأمور تتحرج في البوسنة في صدر القرن التاسع عشر. ولم يقابل البوسنويون الإصلاحات الأوربية في حكومة الآستانة بالرضى، وهب المسلمون من الصقالبة لمقاومة هذه الاصلاحات بقوة السلاح بزعامة حسين قائد كرادجك عام 1830 م. وأراد الوزير محمد وجيه باشا عام. إدخال النظم الادارية الحديثة التي نص عليها الخط شريف كلخانة الصادر عام 1839 م، وبدأ يستبدل بقادة النواحى الوطنيين آخرين مسلمينْ كانوا يعينون من قبل رجال الحكم بالآستاثة، وعد أشراف البوسنة هذا الأمر بمثابة ضربة شديدة موجهة لهم، فانتقض أشراف مسلمي سراييفو على هذا الوزير ولكن جيوش السلطان أخضعتهم في فتز Vetiz من نواحى ترافنك. وفي عام 1843 و 1846 م شبت الفتن في كراجينه بالكروات التركية لأن الحكومة التركية طلبت من مسلمي هذه البلاد أداء الرسوم القانونية وكانوا قد أبوا دفعها. وقد شتت شمل الثوار في كلتا المناسبتين، وكان هناك مصدر عظيم للقلق ألا وهو عدم تجديد الصلات التي بين الملاك المسلمين- وهم الباهى والبكوات والأغوات- وبين الفلاحين "كمت".

واشتكى الفلاحون من أنهم تحت رحمة الملاك وأهوائهم، وفي عام 1748 م أصدر الوالى طاهر ياشا أمرًا بمنع تسخير الفلاحين في مزارع الملاك الخاصة (بكلك) وأن يقدم الفلاحون لهؤلاء ثلث محصول الغلال والفاكهة والخضر في المزارع التي يستغلونها (ويعرف هذا الثلث، بـ"ترتنا") كما يقدمون إليهم نصف غلة علف الماشية، ولم يرض الفلاحون أو الملاك عن هذا القرار، ولما فرض طاهر باشا على كل صاحب منزل من المسلمين والنصارى أن يدفع أربعة وأربعين قرشًا كل ستة أشهر، أضف إلى ذلك ما يدفعه كل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015