الأيوبيين. وكانت الشام بحق قلب الثقافة الإسلامية باللغة العربية في القرن الثالث عشر. وسرعان ما أصبحت مصر ندا لها، بيد أنها لم تكن قد توصلت بعد إلى صياغة مزاج واحد من تراثها الأصيل والعناصر الدخيلة التي كان يرضى عنها الأيوبيون، والحق إنه لا يمكن للأيوبيين أن ينسبوا لأنفسهم الفضل كله في هذا الازدهار، ولكن ليس من العدل أن ننكر فضل الأمراء الذين كانوا في كثير من الأحوال من الأدباء والعلماء والذين عملوا جاهدين بوجه عام على حماية واجتذاب ممثلى كل فروع المعرفة التي لا تتعارض مع الدين الحنيف. وليس من شك في أن المتقدم الاقتصادى وسير المسلمين قدما في إسترداد المنطقة التي طوقتها مباشرة الحروب الصليبية تكفلا بإنجاز بقية الصورة. ونعتقد أن تقديم بيان بأسماء الأدباء والعلماء لا يحقق الغاية المنشودة. أما أسماء المؤرخين والجغرافيين فتوجد في ثبت المصادر؛ ومما يذكر أن ابن القفطى (وزير حلب) وابن أبي أصيبعة كاتبى سيرة العلماء والأطباء يلفتان نظرنا إلى أهمية التأييد الذي حظى به هؤلاء الأطباء في البيمارستانات. ولعل المؤرخ يسجل بين الشعراء (قدم الركابي دراسة لبعضهم في La Poesie profane sous les صلى الله عليه وسلمyyubides, سنة 1949) اسم الأمجد بهرام شاه، وهو نفسه من الأيوبيين، أو اسم رجل كان يغشى الأسواق مثل ابن الجزار (الوارد في كتاب المغرب لابن سعيد). وفضلًا عن هذا يجب الإشادة بذكر كثير من اللاجئين الأندلسيين الذين وطدوا أقدامهم في بلاد الأيوبيين، وهم رجال برزوا في مجالات مختلفة مثل ابن سعيد المؤرخ الجغرافي، وابن مالك العالم النحوي، وابن البيطار عالم النبات، وابن العربي الصوفى.

وأخيرا لا يمكن أن نتحدث هنا بالتفصيل عن الإمارة الأيوبية في اليمن، وليس من شك في أن تدخل الأيوبيين هناك لا يقل أهمية بالنسبة لهذه البلاد عن تدخلهم في مصر، فقد حد حكم الأيوبيين هونا ما من المنازعات بين الطوائف وصغار الأمراء الذين قسموا البلد بين أنفسهم وحققوا وحدة سياسية قدر لها أن تبقى بعدهم؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015