المصريين، واستطاعت جيوش المماليك التابعة لملك مصر بفضل ما أبدته في الحرب أن تستعيد ملك الأيوبيين مرة أخرى، ولكن هذا النجاح كان نجاحا في الظاهر لا غير، ذلك أن أسرة الأيوبيين كانت قد فقدت قوتها الكامنة.
وظهرت جيوش القديس لويس "سانت لويس" وفرسان الحملة الصليبية السادسة امام دمياط عندما كان الصالح أيوب يعالج سكرات الموت، وسلمت المدينة، وأراد الجيش الفرنسى أن يتقدم أكثر من ذلك ولكنه هزم هزيمة منكرة، وتوفى الصالح أيوب حينذاك، واحتفظت زوجته شجرة الدر، وكانت امرأة باسلة عالية الهمة، بسر وفاته إلى أن عاد إلى مصر تورانشاه خليفة الصالح في الحكم وكان غائبا عنها. على أن تورانشاه أساء إلى المماليك فقتلوه سنة 648 هـ (1250 م) ونودى بعده بشجرة الدر ثم بالمملوك أيبك، وكان أيبك هو الحاكم الفعلى لمصر ولو أن الأشرف موسى حفيد الكامل كان يدعى له في الخطبة حتى سنة 652 هـ (1254 م). وأيبك هذا هو أول سلاطين المماليك البحرية.
وفي حلب خلف الناصر يوسف أباه العزيز سنة 634 هـ (1236 م) وبعد وفاة الصالح سلطان مصر أغارت جيوش الناصر على دمشق واستولت عليها وطالب بملك الشام فاتصل النزاع بينه وبين مماليك مصر إلى أن قضت عليه غزوة المغول. وخضعت بلاد الجزيرة -التي كان آخر حكامها المظفر غازى- للمغول سنة 643 هـ (1245 م) واستولى المغول على حلب ودمشق سنة 658 هـ (1260 م) وخضع للمغول بعد ذلك الأيوبيون في حماة، وهم من نسل شاهنشاه أخي صلاح الدين، وكان المظفر بن شاهنشاه هو الذي أنشأ ملكهم، وكان المماليك قد قضوا على استقلالهم كما قضوا على استقلال أبناء شيركوه في حمص، ولم يبق للأيوبيين في حماة إلا شبه سلطان باعتبارهم حكاما تابعين لمماليك مصر حتى سنة 742 هـ (1341 م) ما عدا فترة انقطاع طويلة. وكان الأيوبيون في حمص قد انقرضوا من سنة 661 هـ (1262 م)، وقبل ذلك بمائة عام ونيف- أي في سنة 625 هـ أو 626 هـ (1228 م) - كان حكم الأيوبيين في اليمن قد زال على يد أتباع الرسولية.