على أن يسلموا مقاليد أمورهم إلى على بن حمود حاكم سبتة Ceuta' وهو من العلويين الطامحين - فانتهز عليّ فرصة تفرق البربر الذين كانوا يؤازرون المستعين، وزحف على قرطبة، واستولى عليها ونادى بنفسه خليفة عليها (406 هـ = 1016 م) وقتل المستعين. ولكن على ابن حمود قتل بعد ذلك بقليل
ولم تكن السنون التالية لذلك أقل اضطرابًا، وطالب بالعرش بعد عليّ قاسمٌ بن حمود وابن أخيه يحيى بن على، وكان يطالب به من الأمويين عبد الرحمن الرابع بن محمد المرتضى، وعبد الرحمن الخامس المستظهر، ومحمَّد الثالث المستكفى، وهشام الثالث المعتد، وكانوا يقتسمون سلطانا مزلزل الدعائم حتى عام 420 هـ (1030 م). على أن بلاد الأندلس كلها ملت تغير الحكومة المستمر، وعزم أهل قرطبة على إلغاء الخلافة إلغاء تامًا. واختفى هشام الثانى، ويجوز أنه قتل أثناء إغارة على القصر أو هرب منه كما قيل، فترك الأندلس وذهب ليقضى ما بقي من أيامه مستخفيًا فى الشرق، ويصعب القطع والتدقيق فيما انتهت إليه حياته الخالية من العظمة. وأيا ما كان الأمر فإن دولة الأمويين فى الأندلس أخذت تتمزق بعد وحدتها السياسية منذ بدء القرن الحادى عشر، وسرعان ما أعلنت ولايات أسبانيا الإسلامية استقلالها تحت سلطان حكام من الأسبان أو الصقالبة أو البربر، وتكونت ممالك صغيرة يعرف عهدها بعهد ملوك الطوائف؛ أما قرطبة فسرعان ما صارت شبه جمهورية صغيرة تحولت بسرعة فى عهد بنى جهور وصار لها شأن.
وعلى أى حال فإن بضع عشرات من السنين كانت كافية لهدم الدولة الوطيدة الأركان التى أقام بناءها أمراء بنى أمية العظام وأكبرهم عبد الرحمن الناصر، وهو من أعظم حكام العصور الوسطى وحكام الإسلام.