اللسان العربى، وحقيقة الواقع أن القرآن الكريم قد شرح هذه العقيدة وحللها بما لم يسبقه دين من الأديان، فهو يقرر أن الله ذات لا كالذوات التى ينالها الحس ويدركها العقل، فهو ليس بمادة ولا متصل بالمادة إلا اتصال الإيجاد والتدبير. فمحال أن يدرك العقل كنهه لأن العقل لا يدرك إلا ما هو مادة أو متصل بها ولابد من صلة بين المدرك والشئ الذى يدركه حتى يمكن أن تتحقق بينهما نسبة الإدراك. وكل ما أمكن العقل أن يدركه هو آثار هذه الذات التى أرشدت إلى وجودها وهذه الآثار هى التى حددت معانى الأسماء والصفات، وأقرب مثل لهذا "الكهرباء" فإنه لا يشك أحد فى وجودها ولم يمكن معرفة حقيقتها إلى اليوم، وكل ما أمكن معرفته هو آثارها من نور وتحريك وغير ذلك. على أن هذه الصفات ليست كالصفات التى تراها قائمة بالبشر لأنه ما دام الموصوف متغايرًا بالكنه فلا يمكن أن تكون الصفات متفقة فى حقيقتها. وغاية الأمر أن ضرورة الدعوة إلى معرفة الله وإرشاد الخلق إلى وجوده هى التى جعلت الدين يخاطب الناس بما يعرفونه بينهم من الصفات.

(4) تبين لك مما أسلفنا أن اتصاف الله بهذه الصفات ليس كاتصاف البشر بها وأن هذه الصفات نفسها ليست كنظائرها من صفات البشر. فإذا صح الحكم على وصفك إنسانًا بأنه ظاهر وباطن معًا بأن هذا تناقض فإنه لا يصح هذا الحكم على وصف الله بهاتين الصفتين.

(5) القدوس هو المنزه عن كل وصف يدركه حس أو يتصوره خيال أو يسبق إليه وهم أو يختلج به ضمير أو يقضى به تفكير. وكما يقال قدس العبد فى علمه وإراداته بمعنى ارتقى علمه عن الحسيات وارتقت إرادته عن الشهوات فصار لا يشابه الحيوان فى إدراكه ولا يماثله فى شهواته فكذلك معنى القدوس بالنسبة لله فقد تنزه عن أن يشاركه أحدٌ فى صفة من صفاته.

(6) السلام هو الذى تسلم ذاته عن العيب وصفاته عن النقص وأفعاله عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015