واسطة، وليرجع القارئ إلى وصف الغزالى لأطوار حياته الدينية وما أحس به فى كل طور فى كتابه "المنقذ من الضلال".
وهو فى رده على المشبهة أكثر هوادة، ولكنه يعجب من حكمة الله الخفية فى ترك بعض مخلوقاته فى حجب الجهالة، بحيث لا يستطيعون أن يدركوا الفرق بين التقدم النسبى والمطلق (فصل فى كلام الله). وهو كثيرًا ما يوجه إليهم النقد المر لإصرارهم على الخطأ فى استعمال الألفاظ، وإن كانت عقائدهم سليمة من الخطأ، فمثلًا يستعمل الكّرامية لفظ جوهر بالإضافة إلى الله ظانين أن الجوهر "موجود لا فى مكان" ولكنه "موجود فى ذاته"، والحنابلة والكرامية جميعًا استعملوا لفظ الجسم بالإضافة إلى الله بمعنى شئ "موجود" أو "موجود فى ذاته"، وعامة المجسَّمة ذهبوا إلى القول بأن لله جهة، وهو تفسيرهم لمعنى استوائه على العرش، غير أن الغزالى يقرر أخيرًا (أصل 1 أصل 6) تقريرًا لا يحتمل الشك أن الخالق منزه عن صفات المخلوقين. ويصعب أن نوفق بين هذا وبين الأجزاء الأخيرة من كتابه، عند بيانه للأساس الصوفى الذى تقوم عليه العقائد، ثم بينه وبين تفسير الغزالى للآية التى تنص على أن الله نفخ فى الإنسان من روحه (سورة الحجر، آية 29 وسورة ص، آية 72)، وتفسيره لحديث إن الله خلق آدم على صورته (انظر الإشارة المتقدمة لكتاب المضنون الصغير ص 2 وما بعدها). غير أن الغزالى فى الكتاب نفسه يثير هذه المسألة: قد يقول قائل: أليست مثل هذه الآراء فى نفس الإنسان مما ينفى مخالفة الله للحوادث ويؤدى إلى التشبيه؛ يجيب الغزالى عن هذا إنفس المصدر، ص 9) بأن التشبيه إنما يتعلق بأخص وصف الله، مثل كونه قيومًا فهذه صفة ذاتية له، أما ما عدا هذا فهو لله ولكنه ليس صفة ذاتية، وليس هذا فحسب، بل إن الأشياء ليس لها من ذاتها إلا العدم، أما وجودها فمكتسب من غيرها.
أما وجود الله فهو واجب غير مستفاد، والقيومية لله وحده. وهذا