تنتشر فى الصعيد حتى أنهم فى سنة 815 هـ (= 1412 م) أغاروا على أسوان وعاثوا فيها فسادا وتخريبا ثم صدهم بنو الكنز وهم قبيلة نوبية عربية وكان والى قوص وإخميم يمثل السلطنة المملوكية فى بلاد هوارة، إلا أن هذا التعيين لم يعد له وجود حين تم فتح مصر على يد العثمانيين (922 - 923 هـ = 1516 - 1517 م)، فأصبح الحاكم الأمير على بن عمر نائبًا للسلطة الحاكمة فى مصر العليا ويسميه ابن إياس "بمتولى جهات الصعيد" وينعته أيضًا "بشيخ عربان الصعيد"، وقد استمر حكم بنى عمر ما يقرب من ستين سنة ثم مالبث أن صار شوكة تقضّ مضجع الحكم العثمانى، ولذلك فقد جُرِّد بنو عمر رسميًا من كل قواهم وسلطانهم فى سنة 983 هـ (= 1576 م) وتولى حكم الصعيد شخص يعرف باسم "سليمان بك"، على أن هوارة استعادت ما كان لها من قوة على يد الأمير همام بن يوسف الذى كسفت شمسه كل حكام الصعيد الذين انغمروا فى المنازعات السياسية للنظام المملوكى الجديد، ونعم الصعيد أيام همام بن يوسف بشئ من الهدوء النسبى والرخاء حتى ليصفه الجبرتى بأنه كان جوهرة بين الشيوخ العرب، فكان سخّى الكف صادقًا أمينًا، أما الرحالة "ببركهاردت" فقد نال من سيادة هوارة لما ذكره عن ابتزازهم التجار، وانزالهم القبط إلى مرتبة العبيد، وكان "همام" هذا من جماعة القاسمية المملوكية الجديدة، الذين انتقلت منهم طائفة كبيرة إلى جانب همام بعد انتهاء سلطتهم بالقاهرة، ولقد قام همام ابن يوسف فى أخريات أيام حياته بدور فعّال فى السياسة المصرية بما بذله من معاونة كبيرة لكبار رجال البلد الذين انتزعت الدولة قوتهم فى القاهرة، فكانت له علاقة طيبة على وجه الخصوص بصالح بك آخر كبار القاسمية الذى نفاه "بلط قَيات على بك" سنة 1178 هـ (= 1765 م)، ولما جاء على بك هذا إلى مصر لائذا بها فى صيف 1180 هـ استطاع همام أن يوثق