والنجاح السياسى. وكانت بصورة ما تعتبر نوعا من الدخل الوظيفى. كما أن المنح التى كانت تقدم للشعراء والأدباء كانت تعتبر من قبيل الوفاء بالتزام الدولة برعاية الفنون والآداب. وهكذا كانت هدايا الحكام ينظر إليها كنوع من أنواع الإنفاق العام.

أما تقديم الهدايا لأصحاب المناصب فقد كانت مقابل المهام التى يضطلعون بها أو مكافاة على خدماتهم فقد كان فى بعض الأوقات ينظر إليه كقاعدة متبعة، وكمصدر للدخل بالنسبة لبعض أصحاب المناصب العالية، كما كان ينظر إليه أيضا كصورة من الفساد الأخلاقى والإنحطاط السياسى ومن الصعب علينا تقدير إلى أى مدى لعب ذلك فى تقويض النظم السياسية فى العهود الغابرة، إذ كان من منظور آخر عامل هدم يقوض بنيان المجتمع. على أن الخط الفاصل بين ما يمكن اعتباره أمرًا مقبولا ورشوة غير قانونية هو أمر صعب التحديد نظريا وعمليا. وكانت هذه المشكلة ملموسة، ووضعت حلول لمواجهتها تكشف عن وعى بأهميتها، ولكنها كانت فى الغالب غير مؤثرة.

وأخيرًا، فقد لعبت الهدايا دورا مؤثرا فى العلاقات الدولية بين الحكام المسلمين وغيرهم كعرف دبلوماسى جرى عليه العمل. ولم يكن أصحاب المناصب الأدنى يستبعدون من ذلك. وكانت قيمة الهدية تقدر بحسب قدر المهدى والمهدى إليه، وأيضا بحسب نوع المهمة السياسية وأغراضها. كما كانت تلك الهدايا تعكس مدى التقدم والرخاء الاقتصادى للدولة المقدمة منها الهدية، وتطور الأنشطة فيها.

وكانت مثل هذه الهدايا تدخل فى نطاق الالتزام القانونى، أسوة بما كان متبعا فى مجتمعات ما قبل الإسلام والمعاصرة للإسلام. وقد جرت محاولات لوضع قواعد تنظم قبول الهدايا وتعرضت للنقد الفقهى.

وبالإضافة إلى ما يتم بين البشر، فهناك المعنى الدينى المتعلق باللَّه سبحانه وتعالى كواهب للنعم. فكل ما فى الوجود، بما فيه الإنسان ذاته، هو "نعمة" إلهية، ذلك بالإضافة للنعم الأخرى كالذكاء والعطاء الإنسانى ويعتبر الصوفيون أى تقدم فى طريق

طور بواسطة نورين ميديا © 2015