- ابن العماد: شذرات الذهب (بيروت).
بهجت عبد الفتاح عبده [فيدوا مالتى دوجلاس Fedwa Malti-Konglas]
أو نهر النيل -واحد من أكبر الأنهار (طوله 6648 كيلو مترا - 4132 ميلا) كما أن دلتاه وواديه ساهما كثيرا فى نشأة وتطور مركز ثقافى له شخصيته واستقلاله فى الحضارة الإسلامية وكان لهذا المركز على مدى العصور المختلفة أثره البالغ فى الأحداث الثقافية والسياسية فى العالم الإسلامى، وهكذا ظل النيل فى العصر الإسلامى، يواصل الدور الذى كان يقوم به فى القرون التى سبقت مجئ الإسلام.
ويرجع اسم النيل، أو نيل مصر كما يتردد كثيرا، إلى الاسم اليونانى "نيلوس" وقد ورد فى المصادر الأولية العربية المبكرة، بالرغم من أنه لم يرد فى القرآن الكريم (قد تكون "كلمة اليمّ" التى وردت فى سوة طه الآية 39 تعنى النيل) وقد اعتاد المسيحيون أن يطلقوا على النيل اسم نهر "جيجون" وهو أحد أنهار الفردوس؛ ولكن المسلمين لم يتبعوهم فى ذلك لأنهم لايعرفون اسم جيجون إلّا لنهر واحد. يذكر الزمخشرى اسمًا آخر للنيل وهو "الفيض" وهى ولاشك إشارة ضمنية شعرية للفيضان السنوى. وفى العصور المتوسطة اكتسبت كلمة بحر فى العربية معنى النهر ولذلك أطلق على النيل بحر مصر (المقريزى) كما هو الحال بالنسبة إلى بحر يوسف وبحر الغزال وفى الدلتا يطلق على تفريعات النهر أحيانا اسم "النيل".
وقامت معلومات المسلمين الجغرافية عن النيل فى جزء منها على الملاحظة المباشرة، وفى جزئها الآخر على الروايات الأسطورية أو شبه العلمية التى تعود إلى المعتقدات أو المعرفة الموروثة. ولقد ظلت حدود الأراضى الإسلامية على النيل لفترة طويلة فى العصور الوسطى محدودة فهى تنتهى عند الشلال الأول بالقرب من جزيرة "بيلاق" (فيلة) إلى الجنوب من أسوان وهنا كانت تبدأ الأراضى النوبية، منذ