فمضى المسلمون (وهم أكثر من 10.000 مقاتل) وعسكروا قرب مكة، وقدم أبو سفيان زعيم قريش إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسلم فدعا له الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل في المسجد فهو آمن " ولم يسمح له بالمغادرة حتى رأى مواكب الجيوش الإسلامية.
ثم دخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة من أعلاها وهو واضعاً رأسه تواضعاً لله بما أكرمه.
ولم يلق المسلمون مقاومة تذكر. واستسلمت مكة فدخل الرسول - صلى الله عليه وسلم - المسجد، حوله المسلمون، فطاف وفي يده قوس، وحول البيت أكثر من 360 صنم فجعل يطعنها ويقول: " جاء الحق وزهق الباطل " والأصنام تتساقط على وجوهها، فالتفت إلى أهل مكة وقال: " يا معشر قريش. ما ترون أني فاعل بكم " قالوا: خيرًا. أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء (وهذا منتهي العفو والتسامح والكرم من الرسول - صلى الله عليه وسلم -) ثم بايعته قريش، وأسلمت كلها. وأمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بقتل نفر ولو تعلقوا بأستار الكعبة، فقتل بعضهم وأسلم البعض، ثم أرسل الصحابة لهدم الأصنام في مكة وحولها.
* * *
أهمية فتح مكة:-
استسلام مكة مهد الطريق لاستسلام الجزيرة العربية كلها. فقد أصبح المسلمون سادة الكعبة وحماة البيت الحرام. ووصلت سيرتهم الطيبة إلى كل مكان. فكان ذلك مطلع عهد جديد سعيد على الإسلام والمسلمين، وكان هدف الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح مكة تطهير الجزيرة كلها من أعداء الإسلام وخلق وحدة إسلامية موحدة مترابطة. وهذا ما تحقق.