في رعاية الله تمهيداً للأسرة الكبيرة التي سيكون محمد زعيمها. وقد عبر القرآن عن هذا المعنى في قوله تعالى: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى} [الضحى: 6]. وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه: " أدبني ربي فأحسن تأديبي ".
رعاية جده عبد المطلب: هو من سادات قريش. وهو الذي أعاد حفر بئر زمزم، ونازعته قريش، فعز عليه ذلك، ونذر إن رزقه الله بعشرة بنين وبلغوا أن يمنعوه أن ينحر أحدهم لله، فلما تحقق ذلك، وقع الاختيار على عبد الله (والد الرسول - صلى الله عليه وسلم -)، فأراد التنفيذ، فمنعته قريش، واقترع إبلاً بدلاً من عبد الله حتى وصل عددها إلى المائة فنحرها وفدى عبد الله، فكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول عن نفسه: " أنا ابن الذبيحين " عبد الله وإسماعيل.
تولى جده رعايته حتى بلغ الثامنة، فتُوفي، فتولى عمه أبو طالب رعايته.
رعاية عمه: تولى رعايته منذ الثامنة من عمره، وإلى السنة العاشرة من البعثة. وكان عمه قليل المال، كثير العيال، فعمل راعياً ليساعده، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " ما بعث الله نبياً قط إلا رعي الغنم، فقالوا: وأنت؟ قال: نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة " (?).
لما بلغ الثانية عشر من عمره خرج به عمه إلى الشام في تجارة، فرآه بحيرا (الراهب) وأمر عمه أن لا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود، حيث سيكون له شأن عظيم، فأعاده وازداد حرصه عليه. واستمر محمد - صلى الله عليه وسلم - بعدها في رعي الغنم.