الأوّل: أنّ المكبّر لم يستعمل أصلاً، ولم ينطق به، وإنّما نطق بالمصغّر ابتداء، فجرى في الكلام دون غيره ((كأنهم في أصل الوضع فهموا تصغيره، فوضعوا اسمه على التّصغير)) 1 وقد نطقوا بهذه الكلمات مصغّرة؛ لأنها عندهم مستصغرة2، والصّغر من لوازمها، فوضعوا الألفاظ على التّصغير)) 3.

قال الرّضي: "وقولهم في جُمَيل وكعيت: جِملان وكِعتان؛ كصِردان ونِغْران تكسير لمكبّريهما المقدّرين، وهما الجُمَل والكُعَت، وإنّما قُدّرا على هذا الوزن؛ لأنه أقرب وزن مكبّر من صيغة المصغّر، فلمّا لم يسمع مكبّراهما قُدّرا على أقرب الأوزان من وزن المصغّر"4.

الثّاني أن المكبّر كان مستعملاً ثم أميت وتُرِك5، واستغنى عنه بالمصغّر، وتنوسي التّصغير فأصبح كالمكبّر.

قال سيبويه: "هذا باب ما جرى في الكلام مصغّراً وترك تكبيره؛ لأنه عندهم مستصغر، فاستغنى بتصغيره عن تكبيره"6 ولا يكادون يلفظون به7.

ومما يقوّي هذا الرأي أنّ المصغّر فرع كالجمع والمثنّى، والمكبّر أصل كالمفرد، والفرع تالٍ والأصل سابق في الوضع، فدلّ هذا على سبق المكبر في الاستعمال.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015