والشّذوذ، يقول: "فإن كان الشّيء شاذّاً في السّماع مطّرداً في القياس تحاميت ما تحامت العرب من ذلك، وجريت في نظيره على الواجب في أمثاله.
من ذلك امتناعك من: وَذَرَ ووَدَعَ؛ لأنّهم لم يقولوهما ولا غرو عليك أن تستعمل نظيرهما نحو وَزَنَ ووَعَدَ، لو لم تسمعهما، فأمّا قول أبي الأسود:
لَيتَ شِعْرِي عَن خَلِيلِي مَا الَّذِي ... غَالَهُ في الحُبِّ حَتَّى وَدَعَه
فشاذّ، وكذلك قراءة بعضهم: "ما وَدَعَك رَبُّكَ وما قَلَى"1.
وأشار إلى ذلك السّيوطيّ في "المزهر"2.
وأمّا الفريق الثّاني فإنّه يجيز إحياء الممات واستعماله لدوره المهم في تنمية اللغة وإثرائها، ومن أقدم من قال ابن درستويه في رده على ثعلب الّذي يمنع استعمال الماضي والمصدر من وَذَرَ ووَدَعَ، قال ابن درستويه: "واستعمال ما أهملوا3 جائز صواب وهو الأصل وقد جاء في الشّعر منه قول أبي الأسود ... وقَرَأتَ القرّاء ... واستعمال ما لم يستعمله العرب من ذلك4 غير خطأ، بل هو في القياس الوجه، وهو في الشّعر أحسن منه في الكلام، لقلّة اعتياده؛ لأنّ الشّعر - أيضاً- أقلّ استعمالاً من الكلام"5.
ويدلّ هذا الرّأي الجريء من ابن درستويه على فهم دقيق مبكّر لدور الممات، وأهميّته في اللّغة ونموّها.
ويبدو لي أنّ كثيراً من علماء العربيّة المتقدّمين يوافقون على هذا الرّأي وإن لم