الحاجة، وبخاصة إذا أردنا أن نحافظ على نقاء اللغة ونحد من ظاهرة الاقتراض في العربية بشقيها المعرب والدخيل.

ويطيب لي أن أقول من خلال هذا البحث أن للمات دوراً في تنمية اللغة العربية يتمثل في إمدادها بألفاظ من مخزونه الثري، فلربما ماتت الكلمة واختفت زمناً طويلاً ثم بعثت من جديد لتستخدم في معناها القديم، أو في معنى جديد، كإحياء الكلمات الميتة للتعبير عن المصطلحات العلمية الجديدة، ولهذا يقول علماء اللغة المعاصرون: إنه من الخطأ أن نقول: (إن كلمة ما قد ماتت؛ إذ إنّ هناك دائماً احتمال عودتها للحياة، ولو كان ذلك بعد قرون عديدة من الهجوع والاختفاء من الاستعمال1.

وممّا أعيد استعماله من الممات "الإتاوة" بمعنى الجزية والخراج، فقد دَبَّتْ في هذه الكلمة الحياة من جديد، فذكرتها المعاجم المعاصرة الّتي تعنى بالمفردات الحية2، وقد نصّ علماء اللّغة القدامى على إماتتها، وأنّها من ألفاظ الجاهلية3.

وذكر ابن دريد أنّ (الغوث) من غاث غوثاً أميت مع فعله، واستعمل منه أغاثه يُغيثه إغاثة4. وقد أحيا المعاصرون هذا الفعل الثلاثيّ الممات، واستعملوا منه قولهم: "غوث اللاجئين" وهو من تعبيراتهم المشهورة.

وأحيت العامّة في جزيرة العرب فعلاً مماتاً، وهو (قَلَطَ) فقالوا في ترحيبهم بالضّيف: اقْلُطْ؛ أي: تفضلْ بالدّخول، وصرَفوه في كافَة أزمنة الفعل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015