الْحَوْلُ وَنَزَلَ بِهِ السَّاعِي وَشَرَعَ فِي عَدِّهَا فَوَضَعَتْ مِنْهَا شَاةٌ وَهُوَ يَعُدُّهَا فَإِنْ كَانَتْ الشَّاةُ الَّتِي وَضَعَتْ مِمَّا مَضَى عَلَيْهَا الْعَدَدُ فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ الْعَدَدُ فَإِنَّهُ يُزَكِّيهَا، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) لَوْ عَزَلَ مِنْ مَاشِيَةٍ شَيْئًا لِلسَّاعِي فَوَلَدَتْ لَمْ يَلْزَمْهُ دَفْعُ أَوْلَادِهَا لِلسَّاعِي، قَالَهُ سَنَدٌ فِي كِتَابِ الْحَجِّ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ عَدَمِ جَوَازِ إبْدَالِ الْهَدْي بِخِلَافِ الْأُضْحِيَّةِ، قَالَ: وَلَوْ عَيَّنَ طَعَامًا تَعَيَّنَ وَلَا يَبِيعُهُ إلَّا وَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمِثْلِهِ وَلَا يَفْسَخُ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ فِي حُكْمِ الدُّيُونِ، وَحُقُوقُ الْآدَمِيِّينَ فِيهَا تَغْلِبُ فَجَازَ لِمَنْ هِيَ لَهُ فِي يَدِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهَا بِشَرْطِ الضَّمَانِ كَمَا تَقُولُ لَهُ فِي تَسَلُّفِ الْوَدِيعَةِ وَتَسَلُّفِ الْوَصِيِّ مِنْ مَالِ يَتِيمِهِ وَسَفِيهِهِ.
ص (وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ)
ش: الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ " تَجِبُ " وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا " نِصْفُ الْعُشْرِ " إلَى آخِرِهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ " زَكَاةُ نِصَابِ النَّعَمِ " وَالْمَعْنَى: وَيَجِبُ فِي خَمْسِ أَوْسُقٍ نِصْفٌ إلَى آخِرِهِ وَالْأَوْسُقُ جَمْعُ وَسْقٍ، قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ بِالْكَسْرِ اسْمٌ لِلشَّيْءِ الْمُقَدَّرِ وَبِالْفَتْحِ فِعْلُ الرَّجُلِ وَنَحْوِهِ فِي الصِّحَاحِ، وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: الْوَسْقُ بِكَسْرِ الْوَاو وَفَتْحِهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَبْلَغُهُ كَيْلًا، قَالَ الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ: خَمْسُونَ وَيْبَةً وَهُوَ ثَمَانِيَةُ أَرَادِبَ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ، وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ: هِيَ عَشْرَةُ أَرَادِبَ خَلِيلٌ وَكَانَ هَذَا الْإِرْدَبُّ أَصْغَرَ مِنْ الْإِرْدَبِّ الْمِصْرِيِّ، وَإِلَّا فَقَدْ حُرِّرَ النِّصَابُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَأَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِمُدٍّ مُعَبَّرٍ عَلَى مُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ سِتَّ أَرَادِبَ وَنِصْفًا وَنِصْفَ وَيْبَةٍ وَلَكَ أَنْ تَقُولَ وَثُلُثَ إرْدَبٍّ وَرُبْعَ إرْدَبٍّ بِإِرْدَبٍّ الْقَاهِرَةِ وَمِصْرَ، وَذَلِكَ بِحَضْرَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ الْمَنُوفِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - انْتَهَى. (فَائِدَةٌ) قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْبُيُوعِ: الْإِرْدَبُّ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، قَالَهُ فِي الْمُحْكَمِ، وَقَالَ عِيَاضٌ فِي السَّلَمِ الثَّانِي بِالْفَتْحِ، انْتَهَى. وَقَالَ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِكْيَالٌ لِأَهْلِ مِصْرَ، انْتَهَى. وَرَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّهُ رَآهُ بِخَطِّ ابْنِ الْقَطَّاعِ بِالْفَتْحِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَامُوسِ أَنَّ فِيهِ لُغَةً بِالضَّمِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ " فَأَكْثَرَ " يُرِيدُ إلَى أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةِ أَوْسُقٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ قَلَّ كَمَا فِي الْعَيْنِ، وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا
ص (وَإِنْ بِأَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ اكْتَرَى أَرْضَ خَرَاجٍ أَوْ غَيْرَهَا فَزَرَعَهَا فَزَكَاةُ مَا أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ عَلَى الْمُكْتَرِي وَلَا يَضَعُ الْخَرَاجُ الَّذِي عَلَى الْأَرْضِ زَكَاةَ مَا خَرَجَ مِنْهَا عَلَى الزُّرَّاعِ كَانَتْ لَهُ الْأَرْضُ أَوْ لِغَيْرِهِ، انْتَهَى. قَالَ الْقَرَافِيُّ: وَالْخَرَاجُ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا - مَا وَضَعَهُ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ لَمَّا فَتَحَهَا عَنْوَةً وَقَسَّمَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ رَأَى أَنْ يَنْزِلُوا عَنْهَا لِئَلَّا يَشْتَغِلُوا عَنْهَا بِالْجِهَادِ فَتَخْرَبَ أَوْ تُلْهِيَ عَنْ الْجِهَادِ فَنَزَلَ عَنْهَا بَعْضُهُمْ بِعِوَضٍ وَبَعْضُهُمْ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَضَرَبَ الْخَرَاجَ عَلَيْهَا وَوَقَفَهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، قَالَ سَنَدٌ: هُوَ أُجْرَةٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ، وَلِذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ الشُّفْعَةَ فِيهَا، وَقِيلَ بَلْ بَاعَهَا مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ مُقَسَّطٍ يُؤْخَذُ فِي كُلِّ سَنَةٍ وَهُوَ الْخَرَاجُ وَجَازَتْ الْجَهَالَةُ فِيهِ لِكَوْنِهِ مَعَ كَافِرٍ لِلضَّرُورَةِ، وَالنَّوْعُ الثَّانِي مَا يُصَالَحُ بِهِ الْكُفَّارُ عَلَى أَرْضِهِمْ فَتَكُونُ كَالْجِزْيَةِ تَسْقُطُ بِإِسْلَامِهِمْ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ كُلِّهَا إنَّهَا تُوقَفُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَتُتْرَكُ بِيَدِ أَهْلِهَا لِيَعْمَلُوا فِيهَا فَإِذَا أَسْلَمُوا لَمْ يَسْقُطْ الْخَرَاجُ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ وَالْأَرْضُ لِلْمُسْلِمِينَ، وَقَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهُ قِيلَ كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ لَهُ وَعَلَيْهَا الْخَرَاجُ فَيُجَابُ بِأَنَّهَا مِنْ أَرْضِ الْعَنْوَةِ، قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: أَوْ وَضَعَهَا السُّلْطَانُ عَلَيْهَا ظُلْمًا أَوْ اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ مِنْ صُلْحِيٍّ وَتَحَمَّلَ عَنْهُ الْخَرَاجَ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) لَوْ بَاعَ الْمُسْلِمُ أَرْضًا لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا لِذِمِّيٍّ فَلَا خَرَاجَ عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَا عُشْرَ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ، قَالَ لِئَلَّا تَخْلُوَ الْأَرْضُ عَنْ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ عُشْرَانِ وَمَنَعَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ صِحَّةَ