يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الثَّالِثَ تَفْسِيرٌ قَالَ وَهَذَا التَّأْوِيلُ صَحِيحٌ فِيمَنْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى مَا يُسْقِطُ الزَّكَاةَ، وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ وَادَّعَى عَلَيْهِ السَّاعِي أَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ فَإِنْ كَانَ لَا يُتَّهَمُ لَمْ يَحْلِفْ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ فَقَوْلَانِ، انْتَهَى.
مِنْ أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ زَكَاةِ الْمَاشِيَةِ.
(الثَّالِثُ) فِي الرَّسْمِ الثَّانِي مِنْهُ لَا يَحِلُّ لِلسَّاعِي أَنْ يَسْتَضِيفَ مَنْ يَسْعَى عَلَيْهِ إلَّا مَنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالضِّيَافَةِ لِكُلِّ أَحَدٍ فَيُكْرَهُ لِلذَّرِيعَةِ وَخَوْفًا مِنْ الزِّيَادَةِ فِي إكْرَامِهِ لِلسِّعَايَةِ وَلَا يَسْتَعِيرُ دَوَابَّهُمْ، وَقَالَ مَالِكٌ وَشُرْبُ الْمَاءِ خَفِيفٌ ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عَلِيٌّ وَابْنُ نَافِعٍ وَصِدِّيقُهُ كَغَيْرِهِ، وَرَوَى سَحْنُونٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ مَا خَفَّ عَلَى بَعِيرٍ مِنْ الصَّدَقَةِ.
(الرَّابِعُ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ سَمَاعِ أَشْهَبَ: لِكُلِّ أَمِيرِ إقْلِيمٍ قَبْضُ صَدَقَاتِ إقْلِيمِهِ دُونَ مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْأُمَرَاءِ، وَلَيْسَ لِسَاعِي الْمَدِينَةِ أَنْ يَأْخُذَ مِمَّنْ مَرَّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، قَالَ سَحْنُونٌ فِي رَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً فِي أَرْبَعَةِ أَقَالِيمَ: يَأْخُذُ كُلُّ أَمِيرٍ رُبْعَ شَاةٍ يَأْتِيهِ بِشَاةٍ يَكُونُ لَهُ رُبْعُهَا، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ كُلُّ أَمِيرٍ قِيمَةَ رُبْعِ شَاةٍ أَجْزَأَ، وَإِنْ كَانَ لَهُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فِي كُلِّ إقْلِيمٍ وَسْقٌ أَعْطَى لِكُلِّ أَمِيرٍ زَكَاةَ وَسْقٍ، وَإِنْ كَانَ الْوُلَاةُ غَيْرَ عُدُولٍ أَخْرَجَ مَا لَزِمَهُ كَمَا ذَكَرْنَا.
(الْخَامِسُ) إذَا حَالَ الْحَوْلُ وَالْإِبِلُ فِي سَفَرٍ فَلَا يُصَدِّقُهَا السَّاعِي وَلَا رَبُّهَا حَتَّى تَقْدَمَ فَإِنْ مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مَاتَتْ بَعْدَ الْحَوْلِ، قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا لَمْ يُخْرِجْ زَكَاتَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا حَدَثَ بِهَا، وَإِذَا مَاتَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُفَرِّطْ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخْرِجَ زَكَاتَهَا إلَّا مِنْهَا، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى، وَقَالَهُ فِي النَّوَادِرِ.
(السَّادِسُ) قَالَ سَنَدٌ تَخْرُجُ السُّعَاةُ لِلزَّرْعِ وَالثِّمَارِ عِنْدَ كَمَالِهَا نَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ.
(السَّابِعُ) لَا يَجِبُ عَلَى السَّاعِي الدُّعَاءُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الصَّدَقَةَ خِلَافًا لِدَاوُدَ، قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَفِي الْقُرْطُبِيَّةِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: وَاسْتَحْسَنَهُ الشَّافِعِيُّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ} [التوبة: 103] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103] أَيْ اُدْعُ لَهُمْ لَنَا أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ لَمْ يَكُونُوا يَأْمُرُونَ بِذَلِكَ السُّعَاةَ بَلْ ذَلِكَ خَاصٌّ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103] فَهَذَا سَبَبُ الْأَمْرِ بِذَلِكَ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ " وَلَوْ بِجَدْبِ " مُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَجْمُوعَةِ: لَا تَخْرُجُ السُّعَاةُ سَنَةَ الْجَدْبِ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ فِي الْمُعَلِّمِ فِي أَوَائِلِ الزَّكَاةِ: وَلِلْإِمَامِ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ إلَى الْحَوْلِ الثَّانِي إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى ذَلِكَ، انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ خُرُوجِهِمْ سَنَةَ الْجَدْبِ وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَإِذَا خَرَجُوا سَنَةَ الْجَدْبِ فَيَأْخُذُونَ الْوَاجِبَ، وَلَوْ كَانَتْ الْغَنَمُ عِجَافًا خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهَا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُوَ الصَّحِيحُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَالْجَدْبُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ ضِدُّ الْخِصْبِ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ إنْ كَانَ وَبَلَغَ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُعَاةٌ أُخْرِجَتْ كَالْعَيْنِ اللَّخْمِيُّ - اتِّفَاقًا - الشَّيْخُ عَنْ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ السُّعَاةُ، انْتَهَى. وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَا حَكَاهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ، انْتَهَى. وَنَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ يُزَكِّي بَعْدَ حَوْلٍ مِنْ مُرُورِ السَّاعِي عَلَى النَّاسِ وَيَتَحَرَّى أَقْرَبَ السُّعَاةِ وَهَذَا إذَا كَانَ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْرِفُهَا لَهُ وَإِلَّا نَقَلُوهَا لِحَوَاضِرِ الْبِلَادِ إنْ كَانَتْ تَصِلُ، وَإِنْ لَمْ تَصِلْ فَتُبَاعُ وَيُشْتَرَى مِثْلُهَا كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ فِي مَصْرِفِ الزَّكَاةِ، قَالَ فِي سَمَاع ابْنِ الْقَاسِمِ: أَوْ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهَا لِلضَّرُورَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَقَبْلَهُ يَسْتَقْبِلُ الْوَارِثُ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ إذَا مَاتَ رَبُّ الْغَنَمِ بَعْدَ الْحَوْلِ قَبْلَ مَجِيءِ السَّاعِي لَمْ يَجِبْ عَلَى الْوَارِثِ إخْرَاجُهَا عَنْهُ لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ إخْرَاجُهَا
ص (وَلَا تَبْدَأُ إنْ أَوْصَى بِهَا)
ش: أَيْ فِي الثُّلُثِ وَيَبْدَأُ عَلَيْهَا فَكُّ الْأَسِيرِ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ هِيَ مَرْتَبَةُ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ ذَكَرَهُ فِي زَكَاةِ الثِّمَارِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتُفَرَّقُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَفِي الْأَصْنَافِ الَّذِينَ ذَكَرَ اللَّهُ وَلَيْسَ