«أَنَّ أُمَّ خَلَّادٍ جَاءَتْ مُنْتَقِبَةً تَسْأَلُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ابْنِهَا وَهُوَ مَقْتُولٌ فَقَالَ لَهَا بَعْضُ الصَّحَابَةِ: جِئْت تَسْأَلِي عَنْ ابْنَكِ وَأَنْتِ مُنْتَقِبَةٌ فَقَالَتْ: إنْ أُرْزَأُ ابْنِي فَلَنْ أُرْزَأَ أَحِبَّائِي فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُك لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ قَالَتْ: وَلِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ . قَالَ: لِأَنَّهُ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ» انْتَهَى.
وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ أَهْلُ الْكِتَابِ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَيْضًا الْغَرِقُ لَهُ أَجْرُ شَهِيدَيْنِ ذَكَرَهُ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ.
(الثَّالِثَةُ) الشَّهِيدُ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَسْمِيَتِهِ شَهِيدًا فَعَنْ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ: لِأَنَّهُ حَيٌّ فَرُوحُهُ شَهِدَتْ دَارَ السَّلَامِ وَرُوحُ غَيْرِهِ إنَّمَا تَشْهَدُهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ؛ لِأَنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يَشْهَدُونَ لَهُ بِالْجَنَّةِ وَقِيلَ: لِأَنَّهُ شَهِدَ عِنْدَ خُرُوجِ رُوحِهِ مَا لَهُ مِنْ الْكَرَامَةِ وَقِيلَ: لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَةِ يَشْهَدُونَهُ وَقِيلَ: لِأَنَّ تَشْهَدُ بِصِدْقِ نِيَّتِهِ، وَقِيلَ: لِأَنَّ مَعَهُ شَاهِدًا وَهُوَ الدَّمُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ وَدَمُهُ يَثْعَبُ وَقِيلَ: لِأَنَّ دَمَهُ يَشْهَدُ عَلَى الْأَلَمِ وَعَلَى هَذَا لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهَذَا السَّبَبِ.
وَالشُّهَدَاءُ ثَلَاثَةٌ: شَهِيدُ حَرْبِ الْكُفَّارِ لَهُ أَحْكَامُ الشَّهِيدِ فِي الدُّنْيَا وَفِي ثَوَابِ الْآخِرَةِ.
وَالثَّانِي: شَهِيدٌ فِي الثَّوَابِ دُونَ أَحْكَامِ الدُّنْيَا وَهُمْ الْمَبْطُونُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ.
وَالثَّالِثُ: مَنْ غَلَّ فِي الْغَنِيمَةِ وَشِبْهُهُ فَلَهُ حُكْمُ الشَّهِيدِ فِي الدُّنْيَا وَلَيْسَ لَهُمْ الثَّوَابُ الْكَامِلُ
ص (وَإِنْ أَجْنَبَ عَلَى الْأَحْسَنِ)
ش: قَالَ فِي الطِّرَازِ أَمَّا إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ مِنْ غَيْرِ دَمِهِ كَالرَّوْثِ وَشِبْهِهِ فَإِنَّهُ يُغَسَّلُ؛ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُغَسَّلُ اعْتِبَارًا بِالْجَنَابَةِ وَمَا قُلْنَاهُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّجَاسَةِ الْإِبْعَادُ، وَإِنَّمَا جَاءَ الْحَدِيثُ فِي الدَّمِ خَاصَّةً؛ وَلِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى خَصْمِهِ فَتُرِكَ لِذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، وَاعْتِبَارًا بِمَا لَوْ كَانَ عَلَيْهِ جِلْدُ خِنْزِيرٍ، أَوْ جِلْدُ مَيْتَةٍ فَإِنَّهُ يُنْزَعُ عَنْهُ إجْمَاعًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى
ص (وَدُفِنَ بِثِيَابِهِ إنْ سَتَرَتْهُ)
ش: قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَنْزِعَ ثِيَابَهُ وَيُكَفِّنَهُ بِغَيْرِهَا وَيَخْتَلِفُ إذَا كَانَ عَلَيْهِ مَا يَسْتُرُهُ هَلْ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَزِيدَ عَلَيْهِ شَيْئًا؟ .
قَالَ مَالِكٌ فِي