الشَّيْخِ زَرُّوق الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ قَالَ: وَيُعَزَّى الْكَافِرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا عُزِّيَ بِوَلِيِّهِ الْكَافِرِ فَلَأَنْ يُعَزَّى بِوَلِيِّهِ الْمُسْلِمِ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(فَائِدَةٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ نَاقِلًا عَنْ غَيْرِ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ بِالِاسْتِرْجَاعِ لِلْمُصَابِ فَقَالَ {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [البقرة: 156] الْآيَةَ وَهَذَا مِنْ الِاسْتِسْلَامِ لِلَّهِ وَالِاحْتِسَابِ، وَإِنَّمَا الْمُصِيبَةُ مَنْ حُرِمَ الثَّوَابُ يُرِيدُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَا أَسْلَفَ عَلَيْهِ وَلَا اسْتَفَادَ عِوَضًا مِنْهُ انْتَهَى.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي الْمُنْتَقَى فِي أَوَائِلِهِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعَصْرِ فَكَأَنَّمَا وُتِرَ أَهْلَهُ وَمَالَهُ» لَا يَجِبُ الِاسْتِرْجَاعُ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ} [البقرة: 156] الْآيَةَ وَإِنَّمَا يَجِبُ الرِّضَا وَالتَّسْلِيمُ انْتَهَى.
وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَمَّا ذَكَرَتْ وُصُولَ صَفْوَانَ بْنِ الْمُعَطِّلِ إلَيْهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ: إنَّهُ اسْتَرْجَعَ، فِيهِ اسْتِحْبَابُ الِاسْتِرْجَاعِ عِنْدَ الْمَصَائِبِ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الدِّينِ، أَوْ فِي الدُّنْيَا سَوَاءٌ كَانَتْ فِي نَفْسِهِ، أَوْ مَنْ يَعِزُّ عَلَيْهِ انْتَهَى
ص (وَضَجْعٌ فِيهِ عَلَى أَيْمَنَ مُقْبِلًا)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الطِّرَازِ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى سَتْرِ الْقَبْرِ بِثَوْبٍ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّعْشَ يُوضَعُ عَلَى طَرَفِ الْقَبْرِ يَكُونُ رَأْسُ الْجِنَازَةِ عَلَى جَانِبِهِ عِنْدَ رِجْلِ الْقَبْرِ وَيُسَلُّ الْمَيِّتُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تُوضَعُ بِطُولِ الْقَبْرِ مِمَّا يَلِي الْقِبْلَةَ، ثُمَّ يُؤْخَذُ الْمَيِّتُ مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَيُدْخَلُ الْقَبْرَ مُعْتَرِضًا وَذَكَرَ خَبَرًا احْتَجَّ بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ احْتَجَّ بِهَا الْجَمَاعَةُ وَقَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ مِنْ الْحَنَابِلَةِ فِي كِتَابِ الْفُرُوعِ وَيُدْخَلُ الْمَيِّتُ مِنْ عِنْدِ رِجْلِ الْقَبْرِ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَوْضِعَ تَوَجُّهٍ بَلْ دُخُولٌ فَدُخُولُ الرَّأْسِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْأَعْضَاءِ كُلِّهَا، أَوْ لَا يَدْخُلُ الْمَيِّتُ مُعْتَرِضًا مِنْ قِبْلَتِهِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ الْأَسْهَلُ فَالْأَسْهَلُ انْتَهَى.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد، أَوْصَى الْحَارِثُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْ الْقَبْرِ، وَقَالَ: هَذَا مِنْ السُّنَّةِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ كَلَامَ الْمَدْخَلِ
(فَرْعٌ) قَالَ سَنَدٌ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَهَلْ لِمَنْ يَدْخُلُ الْقَبْرَ بِالْمَيِّتِ عَدَدٌ مَحْصُورٌ؟ .
ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ فَهُوَ كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ الْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونُوا وِتْرًا: ثَلَاثَةً، أَوْ خَمْسَةً إنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ لِمَا رُوِيَ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَدْخَلَهُ الْقَبْرَ ثَلَاثَةُ أَنْفُسٍ، وَوَجْهُ الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَخْصِيصٌ؛ وَجَبَ أَنْ يُعْمَلَ بِمَا تَيَسَّرَ
ص (وَتُدُورِكَ إنْ خُولِفَ بِالْحَضْرَةِ كَتَنْكِيسِ رِجْلَيْهِ وَكَتَرْكِ الْغُسْلِ وَدَفْنِ مَنْ أَسْلَمَ بِمَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ)
ش: قَالَ الشَّارِحُ فِي الْكَبِيرِ: قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُخَفْ التَّغَيُّرُ قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ كُلِّهَا