أَوْ بَعْدَهَا لَا بِمَسْجِدٍ فِيهِمَا)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِي مُصَلًّى الْعِيدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا، وَأَمَّا الْمَسْجِدُ فَلَا يُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِيهِ لَا قَبْلَ الصَّلَاةِ وَلَا بَعْدَهَا وَهَذَا فِي حَقِّ غَيْرِ الْإِمَامِ.
قَالَ فِي الطِّرَازِ وَنَحْنُ إذَا قُلْنَا بِجَوَازِ التَّنَفُّلِ قَبْلَهَا فَهَلْ نُطْلِقُهُ لِلْإِمَامِ؟ بَلْ سُنَّةُ الْإِمَامِ إذَا قَدِمَ أَنْ يَبْدَأَ بِصَلَاةِ الْعِيدِ إلَّا أَنْ يَقُومَ قَبْلَ الْوَقْتِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَقْتِ التَّنَفُّلِ أَيْضًا انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) إذَا قُلْنَا: إنَّ النَّافِلَةَ جَائِزَةٌ فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ الصَّلَاةِ لِلْمَأْمُومِ فَهَلْ تَحْرُمُ أَوْ تُكْرَهُ بِخُرُوجِ الْإِمَامِ عَلَى النَّاسِ أَوْ تُبَاحُ؟ .
لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) قَالَ فِي الطِّرَازِ: وَأَمَّا التَّنَفُّلُ فِي الْبُيُوتِ يَوْمَ الْعِيدِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهِ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إلَى جَوَازِهِ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ وَقَدْ قَالَ قَوْمٌ: صَلَاةُ الْعِيدِ سُبْحَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَلْيُقْتَصَرْ عَلَيْهَا إلَى الزَّوَالِ وَجَنَحَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ حَبِيبٍ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الْعِيدِ حَظَّهُ مِنْ النَّافِلَةِ ذَلِكَ الْيَوْمَ إلَى صَلَاةِ الظُّهْرِ.
وَهَذَا مَذْهَبٌ مَرْدُودٌ بِاتِّفَاقِ أَرْبَابِ الْمَذَاهِبِ انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي الشَّامِلِ: لَمْ يَعْرِفْ مَالِكٌ قَوْلَ النَّاسِ: تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَغَفَرَ اللَّهُ لَنَا وَلَكُمْ وَلَمْ يُنْكِرْهُ وَأَجَازَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَكَرِهَهُ بَعْضُهُمْ انْتَهَى.
وَانْظُرْ النَّوَادِرَ وَالْمَدْخَلِ وَقَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: قَالَ النَّحَّاسُ أَبُو جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُ: الِاتِّفَاقُ عَلَى كَرَاهَةِ قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ: أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ هِيَ تَحِيَّةُ الزَّنَادِقَةِ، وَفِي كِتَابِ الِاسْتِيعَابِ لِابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: صَدَقْت أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَكَ فَإِنْ صَحَّ بَطَلَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاتِّفَاقِ انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي الطِّرَازِ وَلَا يُنْكَرُ فِي الْعِيدَيْنِ اللَّعِبُ لِلْغِلْمَانِ بِالسِّلَاحِ وَالنَّظَرُ إلَيْهِمْ وَكَذَلِكَ لَعِبُ الصِّبْيَةِ بِالدُّفُوفِ وَشِبْهُ ذَلِكَ انْتَهَى.
ثُمَّ ذَكَرَ لَعِبَ الْحَبَشَةِ قَالَ: وَقَدْ كَرِهَ مَالِكٌ لَعِبَهُمْ فِي الْمَسْجِدِ وَيُحْمَلُ الْحَدِيثُ أَنَّ السَّيِّدَةَ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - كَانَتْ فِي الْمَسْجِدِ تَرَاهُمْ انْتَهَى.
ص (فَصْلٌ سُنَّ وَإِنْ لِعَمُودِيٍّ وَمُسَافِرٍ لَمْ يُجِدَّ سَيْرَهُ)
ش: قَالَ فِي الطِّرَازِ وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ هَلْ كَانَ مَالِكٌ يَرَى أَنَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ مِثْلُ صَلَاةِ الْعِيدِ سُنَّةٌ لَا تُتْرَكُ؟ .
قَالَ: نَعَمْ قَالَ سَنَدٌ: وَهَذَا مِمَّا لَا يُخْتَلَفُ فِيهِ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَصَفَهَا بِالْوُجُوبِ، وَنَحْنُ لَا نَتَحَاشَى أَنْ نَقُولَ: تَجِبُ وُجُوبَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهَا بِالْجَمَاعَةِ وَأَمَرَ بِهَا وَهِيَ مِنْ شِعَارِ الدِّينِ وَشِعَارِ الْإِسْلَامِ وَيَجِبُ إظْهَارُهَا إلَّا أَنَّهَا غَيْرُ مَفْرُوضَةٍ لِمَا بَيَّنَّا فِي صَلَاةِ الْوِتْرِ أَنَّهُ لَا مَفْرُوضَ إلَّا الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَصَلَاةُ الْخُسُوفِ سُنَّةٌ عَلَى النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ وَمَنْ عَقَلَ الصَّلَاةَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالْعَبِيدِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَسَمِعَ ابْنَ الْقَاسِمِ: إنْ تَطَوَّعَ مَنْ يُصَلِّي بِأَهْلِ الْبَادِيَةِ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ؛ فَلَا بَأْسَ ابْنُ رُشْدٍ يُرِيدُ: الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ، وَأَمَّا مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ؛ فَلَا رُخْصَةَ فِي تَرْكِهِمْ الْجَمْعَ لِلْكُسُوفِ انْتَهَى.
وَأَتَى - رَحِمَهُ اللَّهُ - بِأَنَّ الْمُؤْذِنَةِ بِنَفْيِ الْخِلَافِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَمْ يَأْتِ بِلَوْ الْمُشِيرَةِ إلَى الْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَمْ يَرْتَضِ مَا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ عَنْ مَالِكٍ فِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤْمَرُ بِهَا إلَّا مَنْ تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِيهِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَتْ قَرْيَةٌ فِيهَا خَمْسُونَ رَجُلًا وَمَسْجِدٌ يَجْمَعُونَ فِيهِ الصَّلَاةَ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعُوا صَلَاةَ الْخُسُوفِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: فَأَجْرَاهَا مَجْرَى الْجُمُعَةِ فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ وَكَالْعِيدَيْنِ فِي أَحَدِ الْأَقْوَالِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الطِّرَازِ: وَفِيمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ نَظَرٌ وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّهَا تُسْقِطُهُ عَمَّنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ وَإِنَّمَا فِيهِ أَنَّ أَهْلَ الْجُمُعَةِ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعُوهَا يُرِيدُ أَنَّ جَمْعَهُمْ بِهَا أَصْوَبُ مِنْ فِعْلِهَا فِي الِانْفِرَادِ، وَمَنْ لَا جُمُعَةَ لَهُمْ إنْ