وَرَوَى الْقَرِينَانِ وَابْنُ وَهْبٍ وَعَلِيٌّ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهَا كَالْجُمُعَةِ وَإِنْ أَحْدَثَ فِيهَا تَمَادَى وَفِي تَكْبِيرِهِمْ بِتَكْبِيرِهِ قَوْلَا مَالِكٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ حَبِيبٍ وَيَذْكُرُ فِيهَا فِي الْفِطْرِ سُنَّةَ زَكَاتِهِ وَيَحُضُّ عَلَى الصَّدَقَةِ وَفِي الْأَضْحَى الْأُضْحِيَّةَ وَالذَّكَاةَ انْتَهَى.
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ: الْخُطَبُ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يُنْصَتُ فِيهِ وَهُوَ خُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَقِسْمٌ لَا يُنْصَتُ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْحَجِّ كُلِّهَا، وَقِسْمٌ اُخْتُلِفَ فِيهِ وَهُوَ خُطَبُ الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ.
وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِنْصَاتَ فِيهِمَا انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ فِي أَثْنَاءِ الْخُطْبَةِ تَمَادَى وَهَكَذَا قَالَ فِي تَهْذِيبِ الْبَرَاذِعِيّ وَنَصُّهُ: وَإِنْ أَحْدَثَ الْإِمَامُ فِي خُطْبَةِ الْعِيدَيْنِ تَمَادَى وَقَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا أَحْدَثَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْخُطْبَةِ لَا يَخْطُبُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَفْظُ الْأُمِّ قُلْت أَرَأَيْت الْإِمَامَ إذَا أَحْدَثَ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ بَعْدَ مَا صَلَّى أَيَسْتَخْلِفُ أَمْ يَخْطُبُ بِهِمْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ؟ .
قَالَ: أَرَى أَنْ لَا يَسْتَخْلِفَ وَأَنْ يُتِمَّ بِهِمْ الْخُطْبَةَ انْتَهَى.
ص (وَأُعِيدَتَا إنْ قُدِّمَتَا)
ش: فَإِنْ لَمْ يُعِدْهُمَا أَجْزَأَتْهُ أَيْ أَجْزَأَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ
ص (وَإِقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا تَجِبُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَلَا يُؤْمَرُونَ بِالْخُرُوجِ إلَيْهَا وَمَنْ حَضَرَهَا مِنْهُمْ لَمْ يَنْصَرِفْ إلَّا بِانْصِرَافِ الْإِمَامِ وَإِذَا لَمْ يَخْرُجْنَ النِّسَاءُ؛ فَمَا عَلَيْهِنَّ بِوَاجِبٍ أَنْ يُصَلِّينَ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُنَّ أَنْ يُصَلِّينَ أَفْذَاذًا وَلَا تَؤُمُّهُنَّ مِنْهُنَّ وَاحِدَةٌ انْتَهَى.
قَالَ سَنَدٌ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُنَّ رَجُلٌ صَلَّيْنَ أَفْذَاذًا فَإِنْ كَانَ مَعَهُنَّ رَجُلٌ تَخَلَّفَ لِعُذْرٍ فَهَلْ يَجْمَعُ بِهِنَّ يُخْتَلَفُ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ مَنَعَهُ الْعُذْرُ أَنْ يَجْمَعَ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْعِيدَيْنِ هَلْ يَجْمَعُ دُونَهُ؟ وَسَيَأْتِي، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَعَ الْإِمَامِ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا مِنْ غَيْرِ إيجَابٍ انْتَهَى.
قَالَ سَنَدٌ: إنْ جَاءَ مَنْ فَاتَتْهُ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَإِنَّهُ يَجْلِسُ وَلَا يُصَلِّي وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْمُصَلَّى أَوْ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ قَالَ فَإِنْ فَاتَتْ جَمَاعَةٌ فَأَرَادُوا أَنْ يُصَلُّوا بِجَمَاعَتِهِمْ فَهَلْ يَجُوزُ؟ .
يُخْتَلَفُ فِيهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ فَاتَتْهُ الْعِيدُ لَا بَأْسَ أَنْ يَجْمَعَهَا مَعَ نَفَرٍ مِنْ أَهْلِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: لَا أَرَى أَنْ يَجْمَعُوا وَإِنْ أَحَبُّوا صَلَّوْا أَفْذَاذًا ثُمَّ قَالَ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُمْ لَا يَخْطُبُونَ ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُصَلِّيهَا أَهْلُ الْقُرَى كَأَهْلِ الْحَضَرِ فَحَمَلَهُ سَنَدٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَهْلُ الْقُرَى الصِّغَارِ الَّذِينَ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ثُمَّ قَالَ: إذَا قُلْنَا لَا تَجِبُ فِي غَيْرِ مَوْطِنِ اسْتِيطَانٍ وَيُسْتَحَبُّ لَهُمْ أَنْ يُقِيمُوهَا فَهَلْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ خُطْبَةٍ قَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ مَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَيْهِمْ أَنْ يُصَلُّوهَا بِإِمَامٍ فَعَلُوا وَلَكِنْ لَا خُطْبَةَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ خَطَبُوا فَحَسَنٌ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عِيسَى هُوَ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ هُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ فِي رَسْمِ الْعِيدَيْنِ آخِرَ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَقَالَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ الْمُشَارِ إلَيْهِ: لَمْ يَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ وَخُطْبَةٍ وَمَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ فِي الرِّوَايَة انْتَهَى.
فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إقَامَةُ مَنْ لَمْ يُؤْمَرْ بِهَا أَوْ فَاتَتْهُ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَهَا وَهَلْ فِي جَمَاعَةٍ أَوْ أَفْذَاذًا؟ .
قَوْلَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُمْ جَمْعُهَا، قَالَ فِي الشَّامِلِ: وَإِقَامَتُهَا لِمَنْ فَاتَتْهُ وَلِمَنْ لَا تَلْزَمُهُ فَذًّا وَكَذَلِكَ جَمَاعَةً عَلَى الْأَصَحِّ فِيهِمَا انْتَهَى.
وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ تَرْجِيحُ جَوَازِ الْجَمْعِ