فِي ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الْمَذْكُورِ وَبِهِ أَفْتَى بَعْضُ مَنْ لَقِيتُهُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ بَعْدَ ذِكْرِهِ كَلَامَ أَبِي مُحَمَّدٍ: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَاهُ فَقَالَ شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ أَيَّدَهُ اللَّهُ ظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّ الرُّخْصَةَ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هِيَ لِلْمُشْتَرِي وَأَمَّا صَاحِبُ الْمَاءِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لِضَرُورَةِ الْأَوَّلِ وَعَدَمِ ضَرُورَةِ الثَّانِي كَقَوْلِ أَشْهَبَ فِي شِرَاءِ الزِّبْلِ: وَقَالَ شَيْخُنَا يَعْنِي الْبُرْزُلِيَّ بَلْ يَجُوزُ لِيُعِينَ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ بِالرُّخْصَةِ لَهُمَا مَعًا وَبِهَذَا أَقُولُ انْتَهَى.
(قُلْت) : وَهَذَا الثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَمِمَّا يَنْخَرِطُ فِي سِلْكِ الْبِيَعِ الشُّرْبُ مِنْ السِّقَاءِ بَعْدَ النِّدَاءِ إذَا كَانَ بِثَمَنٍ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّمَنَ فِي الْحَالِ قَالَ: وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ظَاهِرٌ مَا لَمْ تَدْعُ إلَى الشُّرْبِ ضَرُورَةٌ انْتَهَى.
(الثَّانِي) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الْبَيْعَ يُفْسَخُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْعَاقِدَانِ مِنْ أَهْلِ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَمَّا لِمَنْعٍ فَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ الْبَيْعِ فِي الْأَسْوَاقِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي شَرْحِ ثَانِيَةِ رَسْمٍ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ يُرِيدُ أَنَّ الْأَسْوَاقَ يُمْنَعُ أَنْ يَبِيعَ فِيهَا الْعَبِيدَ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُمْ مِمَّنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ الْجُمُعَةُ كَمَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ فَإِنْ بَاعَ فِيهَا مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ؛ لَمْ يُفْسَخْ بَيْعُهُ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْأَسْوَاقِ فَجَائِزٌ لِلْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالنِّسَاءِ وَأَهْلِ السُّجُونِ وَالْمَرْضَى أَنْ يَتَبَايَعُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَإِنْ بَاعَ مِنْهُمْ مَنْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ تَجِبُ فُسِخَ بَيْعُهُ كَمَا يُفْسَخُ بَيْعُ مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ
ص (بِأَذَانٍ ثَانٍ)
ش: يُرِيدُ إذَا كَانَ الْأَذَانُ الثَّانِي بَعْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَإِنَّمَا سَكَتَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي الْأَذَانِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ بَعْدَ جُلُوسِ الْإِمَامِ وَهَلْ يَحْرُمُ بِأَوَّلِ الْأَذَانِ أَوْ بِالْفَرَاغِ مِنْهُ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْمُدَوَّنَةِ.
(قُلْت) وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ الْجَمَاعَةِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ ابْتِدَاءُ الصَّلَاةِ بِالشُّرُوعِ فِي الْإِقَامَةِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ سَنَدٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الثَّانِيَ وَنَصُّهُ وَالْمُعْتَبَرُ مِنْ الْأَذَانِ بِأَوَّلِهِ لَا بِتَمَامِهِ فَإِذَا كَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ حَرُمَ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيمَ مُتَعَلِّقٌ بِالنِّدَاءِ انْتَهَى.
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) مُنْتَهَى الْمَنْعِ بِانْقِضَاءِ الصَّلَاةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ جُزَيٍّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) إذَا تَعَدَّدَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ الثَّانِي فَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَأَخَذَ الْمُؤَذِّنُونَ فِي الْأَذَانِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ يَجِبُ السَّعْيُ عِنْدَ سَمَاعِ الْمُؤَذِّنِ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَ فِيهَا فُقَهَاءُ بِجَايَةَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ حَسْبَمَا أَخْبَرَنِي بِهِ مَنْ لَقِيتُهُ مِنْ التُّونُسِيِّينَ فَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ، وَقَالَ آخَرُونَ إنَّمَا يَجِبُ السَّعْيُ عِنْدَ سَمَاعِ الثَّالِثِ وَالصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ إنَّمَا هُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ فَمَنْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيدًا بِحَيْثُ إنْ لَمْ يَسْعَ عِنْدَ الْمُؤَذِّنِ الْأَوَّلِ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ وَجَبَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَإِنْ كَانَ قَرِيبًا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانُهُ بَعِيدًا جِدًّا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ مَا إذَا وَصَلَ حَانَتْ الصَّلَاةُ إنْ كَانَ ثَمَّ مَنْ يَحْضُرُ الْخُطْبَةَ غَيْرُهُ مِمَّنْ يُكْتَفَى بِهِمْ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ: وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أَخَّرَ صَلَاةً حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِقْدَارُ وَقْتِهَا الضَّرُورِيُّ إلَّا مَا يُوقِعُهَا فِيهِ فَبَاعَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ: يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ أَبِي عِمْرَانَ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ الَّتِي فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ هُنَا وَقَالَ ابْنُ سَحْنُونٍ لَا يُفْسَخُ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِعَدَمِ الْفَسْخِ هُنَا بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ لِكَوْنِ الْجَمَاعَةِ شَرْطًا فِيهَا فَمِنْ الْمَصْلَحَةِ مَنْعُ مَا أَدَّى إلَى افْتِرَاقِ جَمْعِهِمْ وَالْإِخْلَالِ بِشَرْطٍ لَا تَصِحُّ الْجُمُعَةُ بِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِنْ الْجَمَاعَاتِ فَإِنَّ الْجَمَاعَةَ لَيْسَتْ شَرْطًا فِيهَا انْتَهَى.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ فِي تَفْرِقَةِ الْمَازِرِيِّ: نَحْنُ لَمْ نُفْسِدْ بَيْعَهُ لِلْإِخْلَالِ بِالْجَمَاعَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إنَّمَا أَفْسَدْنَاهُ لِلْإِخْلَالِ بِالْوَقْتِ الْمُؤَدِّي إلَى كَوْنِ الصَّلَاةِ قَضَاءً وَإِلَى تَأْثِيمِ فَاعِلِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ صَوَّبَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُ عَدَمَ الْفَسْخِ قَالَ وَفَرَّقُوا بِأَنَّ الْجُمُعَةَ لَا تُقْضَى انْتَهَى.