فَرْعٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ فَإِنْ خَافَ تَلَفَ مَالٍ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ وَكَانَ كَثِيرًا تَكَلَّمَ وَاسْتَأْنَفَ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَمْ يَتَكَلَّمْ وَإِنْ فَعَلَ أَبْطَلَ عَلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ التَّسْبِيحِ لِلْحَاجَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الثَّانِي عَنْ الْوَاضِحَةِ: وَمَنْ أَتَاهُ أَبُوهُ لِيُكَلِّمَهُ وَهُوَ فِي نَافِلَةٍ فَلْيُخَفِّفْ وَيُسَلِّمْ وَيُكَلِّمْهُ وَرُوِيَ نَحْوُهُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَلِكَ إنْ نَادَتْهُ أُمُّهُ فَلْيَبْتَدِرْهَا بِالتَّسْبِيحِ وَيُخَفِّفْ وَيُسَلِّمْ انْتَهَى. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَتْ إجَابَةُ أَبِيهِ وَأُمِّهِ وَاجِبَةً فَإِتْمَامُ النَّافِلَةِ أَيْضًا وَاجِبٌ وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِالْمُبَادَرَةِ بِالتَّسْبِيحِ وَرَفْعِ الصَّوْتِ بِهِ وَتَخْفِيفِ مَا هُوَ فِيهِ إلَّا أَنْ لَا يُمْكِنَ ذَلِكَ أَلْبَتَّةَ فَيَتَعَارَضُ حِينَئِذٍ وَاجِبَانِ يُقَدَّمُ أَوْكَدُهُمَا وَلَا شَكَّ أَنَّ إجَابَةَ الْوَالِدَيْنِ أَوْكَدُ لِوُجُوبِهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِ إتْمَامِ النَّافِلَةِ، وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ حَدِيثِ جُرَيْجٍ: قَوْلُهُ يَا رَبِّ أُمِّي وَصَلَاتِي، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عَابِدًا وَلَمْ يَكُنْ عَالِمًا إذْ بِأَدْنَى فِكْرَةٍ يُدْرِكُ أَنَّ صَلَاتَهُ كَانَتْ نَدْبًا وَإِجَابَةَ أُمِّهِ كَانَتْ وَاجِبَةً فَلَا تَعَارُضَ يُوجِبُ إشْكَالًا فَكَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ تَخْفِيفُ صَلَاتِهِ أَوْ قَطْعُهَا وَإِجَابَةُ أُمِّهِ لَا سِيَّمَا وَقَدْ تَكَرَّرَ مَجِيئُهَا انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَوْ قَطْعُهَا، لَيْسَتْ أَوْ فِيهِ لِلتَّخْيِيرِ بَلْ لِلتَّنْوِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ دَلِيلُ قَوْلِهِ أُمِّي وَصَلَاتِي ظَاهِرُهُ تَعَارُضُ فَرْضَيْنِ وَقَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْفِيفِ ذَلِكَ وَإِجَابَتِهَا لَوْ لَمْ يَكُنْ إلَّا كَلَامُهَا لَكِنَّهُ لَعَلَّهُ خَشِيَ أَنْ تَدْعُوَهُ إلَى النُّزُولِ عَنْ صَوْمَعَتِهِ وَكَوْنُهُ مَعَهَا، أَوْ خَشِيَ أَنَّ مُفَاتَحَتَهَا بِالْكَلَامِ يَقْطَعُ عَزْمَهُ وَيُضْعِفُ عَقْدَهُ، وَلَعَلَّ شَرْعَهُ كَانَ يُوَافِقُ ذَلِكَ أَوْ يُخَالِفُهُ، وَلَا شَكَّ عِنْدَنَا أَنَّ بِرَّ أُمِّهِ فَرْضٌ وَالْعُزْلَةُ وَالصَّلَاةُ النَّافِلَةُ طُولَ لَيْلِهِ وَنَهَارِهِ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ وَالْفَرْضُ مُقَدَّمٌ، وَلَعَلَّهُ غَلِطَ فِي إيثَارِ صَلَاتِهِ وَعُزْلَتِهِ فَلِذَلِكَ أَجَابَ اللَّهُ دَعْوَتَهَا، انْتَهَى. وَانْظُرْ الْفَرْقَ الثَّالِثَ وَالْعِشْرِينَ.
(فَرْعٌ) وَفِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَمَنْ نَادَتْهُ أُمُّهُ وَزَوْجَتُهُ فَالزَّوْجَةُ مُقَدَّمَةٌ لِحَقِّهَا؛ لِأَنَّهُ بِعِوَضٍ
ص (إلَّا لِإِصْلَاحِهَا فَبِكَثِيرِهِ)
ش: غَيْرُ الْمُؤَلِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُطْلِقُ الْقَوْلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُ وَالْمُؤَلِّفُ قَيَّدَهُ بِغَيْرِ الْكَثِيرِ، وَقَالَ شَارِحُهُ: إنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى كَلَامِ الْجَوَاهِرِ، وَكَلَامُ الْجَوَاهِرِ لَيْسَ فِيهِ أَنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ لِإِصْلَاحِ الصَّلَاةِ مُبْطِلٌ بَلْ قَالَ مَا نَصُّهُ الْأَوَّلُ مِنْ الْفُرُوعِ أَنَّهُ يَبْنِي إنْ كَانَ قَرِيبًا فَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَكَثُرَ الْفِعْلُ وَوَقَعَ اللَّغَطُ بَيْنَهُمْ وَالْمِرَاءُ وَتَرَدَّدَتْ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُمْ بَعْضَهُمْ مَعَ بَعْضٍ بَطَلَتْ الصَّلَاةُ وَاسْتَأْنَفَهَا وَقِيلَ لَا تَبْطُلُ بَلْ يَبْنِي وَإِنْ طَالَ، انْتَهَى. فَتَأَمَّلْهُ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا قَالَ الْمُؤَلِّفُ بَلْ مُرَادُهُ بِهَذَا الْفَرْعِ مَا يَقُولُهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدَ هَذَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَبَنَى إنْ قَرُبَ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ إلَى آخِرِهِ فَهَذَا هُوَ مُرَادُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فَتَأَمَّلْ وَأَنْصِفْ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ، وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قُلْنَا إنَّ الْكَلَامَ لِإِصْلَاحِهَا لَا يُبْطِلُهَا فَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِأَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا تَعَذُّرُ التَّسْبِيحِ وَالثَّانِي عَدَمُ إطَالَةِ الْكَلَامِ وَكَثْرَتِهِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ طَالَ التَّرَاجُعُ بَيْنَ الْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِينَ بِحَيْثُ يُؤَدِّي إلَى الْمِرَاءِ بَطَلَتْ، انْتَهَى. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِأَنَّ الْكَلَامَ إذَا كَانَ سَهْوًا يُبْطِلُ الصَّلَاةَ إذَا كَثُرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَبِسَلَامٍ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (فَرْعٌ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ: مَنْ سَلَّمَ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَقَالَ السَّلَامُ وَلَمْ يَزِدْ ثُمَّ ذُكِّرَ فَرَاجَعَ الصَّلَاةَ وَسَجَدَ بَعْدَ السَّلَامِ، وَكَانَ شَيْخُنَا الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ يُفْتِي بِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِإِحْرَامٍ وَسَمِعْنَا فِي الْمُذَاكَرَاتِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ وَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَعَنْ الْبَاجِيِّ إنْ وَقَعَ سَهْوًا لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْخُرُوجَ مِنْ الصَّلَاةِ فَلَا إحْرَامَ عَلَيْهِ كَالْكَلَامِ وَيَتَحَصَّلُ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ يُحْرِمُ مُطْلَقًا وَعَكْسُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقُرْبِ جِدًّا فَمَا فَوْقَهُ، انْتَهَى.
وَمِنْهُ نَقَلَ هَذَا الْكَلَامَ فِي مَسَائِلَ وَقَعَتْ فِي بَعْضِ فَتَاوَى الْإِفْرِيقِيِّينَ مَسْأَلَةِ مَنْ شَرَعَ فِي السَّلَامِ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ فَكَبَّرَ الْإِمَامُ تَكْبِيرَ الْعِيدِ بَعْدَ السَّلَامِ فَتَرَكَ بَقِيَّةَ السَّلَامِ حَتَّى كَبَّرَ