أُخْرَى أَوْ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الصَّلَاةِ فَيَجُوزُ أَنْ يَفْتَحَ عَلَيْهِ وَلَكِنْ إذَا اسْتَطْعَمَ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَسْتَطْعِمْ فَهُوَ مَكْرُوهٌ، انْتَهَى. فَجَعَلَهُ مَكْرُوهًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدَ هَذَا كَفَتْحٍ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ فِي صَلَاةٍ عَلَى الْأَصَحِّ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَقَالَ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَلَوْ أَنَّهُ أَسْقَطَ آيَةً مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ أُمِّ الْقُرْآنِ فَقَالَ ابْنُ نَاجِي: هَاهُنَا يَنْبَغِي أَنْ يُلَقَّنَ وَإِنْ لَمْ يَقِفْ.
(قُلْت) وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ تُقَيَّدَ بِهِ الْمُدَوَّنَةُ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُخْتَلَفَ فِيهِ، وَحَمَلَهُ الْمَغْرِبِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا لَمْ يَخْلِطْ آيَةَ رَحْمَةٍ بِآيَةِ عَذَابٍ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَزْمٍ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: وَإِذَا تَعَايَا الْإِمَامُ لَمْ يُفْتَحْ عَلَيْهِ حَتَّى يَتَرَدَّدَ أَوْ يَسْتَطْعِمَ إذْ لَعَلَّهُ فِي فِكْرَةٍ فِيمَا يَقْرَأُ أَوْ تَلَذُّذٍ فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يُخَطْرِفَ تِلْكَ الْآيَةَ، أَوْ يَخْرُجَ عَنْ السُّورَةِ إلَى سُورَةٍ أُخْرَى، أَوْ يَرْكَعَ إذَا قَرَأَ شَيْئًا لَهُ بَالٌ وَهَذَا فِي السُّورَةِ، وَأَمَّا فِي أُمِّ الْقُرْآنِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إتْمَامُهَا وَإِنْ عُوجِلَ الْإِمَامُ بِالتَّلْقِينِ قَبْلَ التَّرَدُّدِ وَالِاسْتِطْعَامِ كُرِهَ وَجَازَ لِجَوَازِ فَتْحِ مَنْ هُوَ فِي صَلَاةٍ عَلَى مَنْ هُوَ مَعَهُ فِيهَا بِالِاتِّفَاقِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِيهَا، انْتَهَى.
ص (وَسَدٍّ فِيهِ لِتَثَاؤُبٍ وَنَفْثٍ بِثَوْبٍ لِحَاجَةٍ كَتَنَحْنُحٍ)
ش: قَالَ فِي أَوَاخِرِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَكَانَ مَالِكٌ إذَا تَثَاءَبَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ سَدَّ فَاهُ بِيَدِهِ وَنَفَثَ أَبُو الْحَسَنِ بِظَاهِرِ الْيُمْنَى وَبَاطِنِهَا فَأَمَّا الْيُسْرَى فَبِظَاهِرِهَا فَقَطْ الشَّيْخُ؛ لِأَنَّهَا تُلَاقِي الْأَنْجَاسَ بِبَاطِنِهَا، وَقَوْلُهُ: وَنَفَثَ. النَّفْثُ بِغَيْرِ بُصَاقٍ وَالتَّفْلُ بِالْبُصَاقِ، انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الشَّرْطِ الثَّامِنِ: قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: النَّفْثُ لَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ التَّثَاؤُبِ بَلْ رُبَّمَا اجْتَمَعَ فِي فَمِ الْإِنْسَانِ فَيَنْفُثُهُ وَلَوْ بَلَعَهُ جَازَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفُثَهُ إنْ كَانَ صَائِمًا، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْوَاضِحَةِ: يَسُدُّ بِيَدِهِ فَاهُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى يَنْقَطِعَ تَثَاؤُبُهُ فَإِنْ قَرَأَ حَالَ تَثَاؤُبِهِ فَإِنْ كَانَ يَفْهَمُ مَا يَقُولُهُ فَمَكْرُوهٌ وَيُجْزِئُهُ وَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ فَلْيُعِدْ مَا قَرَأَ فَإِنْ لَمْ يُعِدْ فَإِنْ كَانَ فِي الْفَاتِحَةِ لَمْ يُجْزِهِ وَإِلَّا أَجْزَأَهُ، انْتَهَى. وَنَصَّ سَنَدٌ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرَأَيْت مَالِكًا إذَا أَصَابَهُ التَّثَاؤُبُ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فِيهِ وَيَنْفُثُ فِي غَيْرِ صَلَاةٍ وَلَا أَدْرِي مَا فَعَلَهُ فِي الصَّلَاةِ. أَمَّا النَّفْثُ فَلَيْسَ مِنْ أَحْكَامِ التَّثَاؤُبِ بَلْ رُبَّمَا يَجْتَمِعُ فِي فَمِ الْإِنْسَانِ رِيقٌ يَكْثُرُ عِنْدَ التَّثَاؤُبُ فَيَنْفُثُهُ وَلَوْ بَلَعَهُ جَازَ ذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْفُثَهُ إذَا كَانَ صَائِمًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّهُ أَيْضًا يَسُدُّ فَاهُ إنْ شَاءَ بِيَدِهِ وَإِنْ شَاءَ أَطْبَقَ شَفَتَيْهِ، انْتَهَى.
وَقَالَ الْأَبِيُّ فِي بَابِ النَّهْيِ عَنْ الْبُصَاقِ فِي الْقِبْلَةِ فِي قَوْلِهِ فِي «حَدِيثِ الْبُصَاقِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَفْعَلْ هَكَذَا وَتَفَلَ فِي ثَوْبِهِ» فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ الْبُصَاقِ فِي الصَّلَاةِ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِ وَالنَّفْخُ الْيَسِيرُ إذَا لَمْ يَصْنَعْهُ عَبَثًا إذْ لَا يَسْلَمُ مِنْهُ الْبُصَاقُ وَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّنَحْنُحُ وَالتَّنَخُّمُ لِمَنْ احْتَاجَ إلَيْهِمَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ مَالِكٍ: إنَّ ذَلِكَ لَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَلِمَالِكٍ قَوْلٌ أَنَّهُ تَفْسُدُ بِهِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ قَالَ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ النَّفْخُ كَالْكَلَامِ وَرَوَى عَلِيٌّ لَيْسَ كَمِثْلِهِ وَنُقِلَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ قَدَّاحٍ أَنَّ النَّفْخَ الَّذِي كَالْكَلَامِ مَا نُطِقَ فِيهِ بِالْفَاءِ ثُمَّ قَالَ وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا فِي تَنَحْنُحِ غَيْرِ الْمُضْطَرِّ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُمَا عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ فِي الْمُضْطَرِّ وَهُوَ وَهْمٌ، انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ: وَالنَّفْخُ فِي الصَّلَاةِ كَالْكَلَامِ، الشَّيْخُ اُخْتُلِفَ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا النَّفْخُ وَالتَّنَحْنُحُ وَالتَّأَوُّهُ وَالْأَنِينُ وَالْبُصَاقُ بِصَوْتٍ وَالِاسْتِفْهَامُ بِالْقُرْآنِ، انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَارِضَةِ فِي بَابِ الْبُزَاقِ فِي الْمَسْجِدِ الْبُزَاقُ فِي الْمَسْجِدِ ضَرْبٌ مِنْ الْإِهَانَةِ وَلَكِنْ جَعَلَ اللَّهُ طَرْحَهُ لِلْعَبْدِ ضَرُورَةً فِي أَيِّ حَالٍ كَانَ حَتَّى فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ كَلَامٌ؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ إمَّا بِإِفّ أَوْ تُفّ أَوْ أَعْ أَوْ أَخْ أَوْ أَحْ أَحْ، وَمَسَحَ فِيهِ كَذَلِكَ، انْتَهَى. وَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا فِي بَابِ الْجَمَاعَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبَصَقَ بِهِ إنْ حَصَبَ يَأْثَمُ مِنْ هَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْجُزُولِيُّ وَمَنْ تَنَخَّمَ فِي صَلَاتِهِ عَامِدًا أَعَادَهَا