مَنْ افْتَتَحَ سُورَةً طَوِيلَةً فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُتِمَّهَا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي النَّافِلَةِ لِلْقَادِرِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ فِي النَّافِلَةِ وَيَسْتَلْزِمُ جَوَازَ الِاسْتِنَادِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ فِي غَيْرِ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ كَالْوِتْرِ وَالْخُسُوفِ وَانْظُرْ إذَا أَدَّاهَا الصَّحِيحُ جَالِسًا اخْتِيَارًا، انْتَهَى. وَذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَزَادَ الْعِيدَيْنِ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ نَاجِي فِي الْوِتْرِ وَالْفَجْرِ.
(قُلْت) وَقَدْ صَرَّحَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ تَرْجَمَةِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بِجَوَازِ الِاتِّكَاءِ فِي النَّافِلَةِ عَلَى عَصًا أَوْ حَائِطٍ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلِلْقَادِرِ جُلُوسُهُ فِي النَّفْلِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَمَدُّ إحْدَى رِجْلَيْهِ إنْ عَيِيَ وَرُكُوعُهُ إيمَاءً جَالِسًا وَقَائِمًا وَاسْتِنَادُهُ قَائِمًا خَفَّفَهُ فِي الْمُخْتَصَرِ وَرَوَى أَشْهَبُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْفَرْضِ وَالنَّفَلِ مِنْ ضَعْفٍ وَلِابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ كَرَاهَتُهُ إنْ قَصُرَتْ وَفِي إيمَائِهِ بِالسُّجُودِ جَالِسًا الشَّيْخُ ثَالِثُهَا يُكْرَهُ لِابْنِ حَبِيبٍ وَعِيسَى وَابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ أَخْبَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ «صَلَاةَ الْجَالِسِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلَاةِ الْقَائِمِ» لَكِنْ اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ هَلْ انْحِطَاطُ الْأَجْرِ يَخْتَصُّ بِالْقَادِرِ؛ لِأَنَّهُ تَارِكٌ لِحَظِّهِ فِي الْقِيَامِ أَوْ يَعُمُّ الْعَاجِزَ وَالْقَادِرَ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ انْتَهَى. وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كَافِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ: وَسُئِلَ عَنْ الْمُصَلِّي فِي الْمَحْمَلِ أَيْنَ يَضَعُ يَدَيْهِ فَقَالَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ قِيلَ لَهُ: فَالْمُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ، قَالَ: مِثْلُ ذَلِكَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ أَنَّهُ يَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ أَوْ فَخِذَيْهِ إذَا رَكَعَ وَإِذَا تَشَهَّدَ. وَأَمَّا مَا فِي سَائِرِ الصَّلَاةِ فَلَا خَيْرَ فِي أَنْ تَكُونَ يَدَاهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَ يَدَيْهِ مِنْ رُكْبَتَيْهِ، انْتَهَى.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ الْأَوَّلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ لِي مَالِكٌ وَعَبْدُ الْعَزِيزِ لَمْ أَسْمَعْ مِنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ غَيْرَ هَذِهِ مَنْ تَنَفَّلَ فِي الْمَحْمَلِ فَقِيَامُهُ تَرَبُّعٌ وَيَرْكَعُ مُتَرَبِّعًا وَيَضَعُ يَدَيْهِ عَلَى رُكْبَتَيْهِ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِهِ قَالَ مَالِكٌ يَرْفَعُ يَدَيْهِ عَنْ رُكْبَتَيْهِ وَلَا أَحْفَظُ رَفْعَ يَدَيْهِ عَنْ رُكْبَتَيْهِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ ثُمَّ قَالَ إذَا هَوَى لِلسُّجُودِ ثَنَى رِجْلَيْهِ وَأَوْمَأَ بِالسُّجُودِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُثْنِيَ رِجْلَيْهِ أَوْمَأَ مُتَرَبِّعًا انْتَهَى.
ص (إنْ لَمْ يَدْخُلْ عَلَى الْإِتْمَامِ)
ش: إمَّا بِأَنْ نَوَى أَنْ يَجْلِسَ أَوْ نَوَى الْقِيَامَ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ وَكَانَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - جَرَى عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ الْقِيَامَ لَا يَجْلِسُ وَإِذَا نَوَى الْجُلُوسَ أَوَّلًا جَلَسَ وَإِنْ نَوَى الْقِيَامَ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ فَقَوْلَانِ شَهَّرَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الْخِلَافَ أَعَمُّ وَضَعَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيّ وَنَصُّهُ وَفِي جَوَازِ جُلُوسِ مُبْتَدِئِهِ قَائِمًا اخْتِيَارًا قَوْلَانِ لَهَا وَلِأَشْهَبَ وَفِي بَقَاءِ خِلَافِهِمَا لَوْ ابْتَدَأَهَا نَاوِيًا قِيَامَهَا قَوْلَانِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ أَبِي عِمْرَانَ وَبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ قَائِلًا يَصِيرُ بِالنِّيَّةِ كَنَذْرٍ كَقَوْلِهَا فِي لَغْوِ مَا نَوَى مِنْ سُورَةٍ طَوِيلَةٍ وَلُزُومِهَا اللَّخْمِيُّ، إنْ نَوَى تَمَامَهَا جَالِسًا أَوْ الْتَزَمَهُ قَائِمًا جَازَ جُلُوسُهُ وَلَزِمَ قِيَامُهُ وَإِنْ نَوَاهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْهُ فَقَوْلَاهُمَا وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ؛ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ لَا يُوجِبُ لُزُومَ الْقِيَامِ إذْ لَهُ الْإِحْرَامُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُلُوسِ وَالْقِيَامِ، انْتَهَى.
(قُلْت) مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ نَوَاهُ فَقَوْلَانِ هُمَا قَصْرٌ قَوْلُ أَشْهَبَ عَلَى نَاوِي الْقِيَامِ وَهُوَ عَامٌّ فِيهِ وَفِي غَيْرِ نَاوِيهِ وَهُوَ مُقْتَضَى اسْتِدْلَالِهِ عَلَى تَصْوِيرِ الْأَوَّلِ، وَقَالَ: فَأَوَّلُ قَوْلِهِ وَآخِرُهُ مُتَنَافِيَانِ وَالْخِلَافُ فِي لُزُومِ مَا نَوَى كَالْخِلَافِ فِي لُزُومِ الطَّلَاقِ بِالنِّيَّةِ، انْتَهَى.
فَتَأَمَّلْ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ جَيِّدٌ قَلِقٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ مُوسَى مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(فَصْلٌ وَجَبَ قَضَاءُ فَائِتَةٍ مُطْلَقًا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ صَلَاةِ النَّافِلَةِ: " وَمَنْ ذَكَرَ صَلَاةً بَقِيَتْ عَلَيْهِ فَلَا يَتَنَفَّلُ قَبْلَهَا وَلْيَبْدَأْ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَقِيَّةٍ مِنْ وَقْتِهَا " ابْنُ نَاجِي يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قَضَاءَ الْمَنْسِيَّاتِ عَلَى الْفَوْرِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ