الْعُتْبِيَّةِ فِي أَثْنَاءِ رَسْمِ الصَّلَاةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ وَفِي أَوَاخِرِهِ وَفِي سَمَاعِ مُوسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ.
ص (وَبَعْدَ صَلَاةِ إمَامٍ)
ش: قَالَ التِّلِمْسَانِيُّ فِي شَرْحِ الْجَلَّابِ: إنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاشْتِغَالُ بَعْدَ سَلَامِ الْإِمَامِ بِدُعَاءٍ وَلَا غَيْرِهِ.
ص (وَتَشَهُّدٍ أَوَّلٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الدُّعَاءَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَكْرُوهٌ، وَصَرَّحَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ أَنَّهُ جَائِزٌ لَا كَرَاهَةَ فِيهِ وَلَمْ يَحْكِ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، فَانْظُرْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ عَلِيٌّ عَنْ مَالِكٍ: لَيْسَ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ مَوْضِعٌ لِلدُّعَاءِ. قَالَ عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ بَعْدَهُ فِي الْجَلْسَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ، انْتَهَى. فَحَكَى فِيهِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْبَاجِيّ وَقَالَ فِي الْكَبِيرِ وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ فِيهِ لِتَشْهِيرٍ غَيْرَ أَنَّ الشَّيْخَ قَالَ: الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ.
ص (لَا بَيْنَ سَجْدَتَيْهِ)
ش: أَيْ فَلَا يُكْرَهُ قَالَ الْجُزُولِيُّ: وَيُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ بَيْنَهُمَا: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاسْتُرْنِي وَاجْبُرْنِي وَارْزُقْنِي وَاعْفُ عَنِّي وَعَافِنِي» انْتَهَى.
ص (وَلَوْ قَالَ يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا لَمْ تَبْطُلْ)
ش أَيْ خِلَافًا لِابْنِ شَعْبَانَ فِيمَا إذَا نَادَاهُ، أَمَّا لَوْ قَالَ: اللَّهُمَّ افْعَلْ بِفُلَانٍ، أَوْ فَعَلَ اللَّهُ بِفُلَانٍ فَلَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ فِي أَنَّهُ لَا تَفْسُدُ الصَّلَاةُ انْتَهَى. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الظَّالِمِ. قَالَ ابْنُ نَاجِي: أَرَادَ بِلَا بَأْسٍ صَرِيحَ الْإِبَاحَةِ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَظْلِمْهُ بَلْ ظَلَمَ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ وَبِهِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَكَانَ شَيْخُنَا يُعْجِبُهُ ذَلِكَ وَيُفْتِي بِهِ، وَالصَّوَابُ عِنْدِي تَحْرِيمُهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَتَقُولُ فِي سُجُودِك. وَأَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا غَيْرَ مَا مَرَّةٍ بِأَنَّهُ يُدْعَى عَلَى الْمُسْلِمِ الْعَاصِي بِالْمَوْتِ عَلَى غَيْرِ الْإِسْلَامِ، وَاحْتَجَّ بِدُعَاءِ مُوسَى عَلَى فِرْعَوْنَ بِذَلِكَ. الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَلَا دَلِيلَ فِي الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْكَافِرِ الْمَأْيُوسِ مِنْهُ كَفِرْعَوْنَ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ الْعَاصِي الْمَقْطُوعِ لَهُ بِالْجَنَّةِ إمَّا أَوَّلًا وَإِمَّا ثَانِيًا، وَقَدْ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَكَلُّمِهِ فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَعَنَ اللَّهُ السَّارِقَ» وَهُوَ حُجَّةٌ فِي لَعْنِ مَنْ لَمْ يُسَمِّ وَكَذَلِكَ تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ: لِأَنَّهُ لَعْنٌ لِلْجِنْسِ لَا لِلْمُعَيَّنِ وَلَعْنُ الْجِنْسِ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْعَدَهُمْ وَيُنَفِّذُ الْوَعِيدَ عَلَى كُلِّ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ وَيُنْهَى عَنْ لَعْنِ الْمُعَيَّنِ وَالدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِالْإِبْعَادِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَهُوَ مِنْ مَعْنَى اللَّعْنِ
وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ إلَى أَنَّ مَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّعْنَ جَائِزٌ عَلَى أَهْلِ الْمَعَاصِي وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا مَا لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا وَهَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ سَدِيدٍ وَلَا صَحِيحٍ؛ لِنَهْيِهِ عَنْ اللَّعْنِ فِي الْجُمْلَةِ فَحَمْلُهُ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْلَى لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ، وَاخْتُلِفَ إنْ قَالَ: يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا وَكَذَا، قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: صَلَاتُهُ بَاطِلَةٌ وَالْمَذْهَبُ عَلَى خِلَافِهِ انْتَهَى وَقَدْ ذَكَرَ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الدُّعَاءَ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ اُخْتُلِفَ فِي تَكْفِيرِ الدَّاعِي بِهِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَا يُكَفَّرُ اُنْظُرْ الْفَرْقَ الْحَادِيَ وَالْأَرْبَعِينَ وَالْمِائَتَيْنِ
ص (وَكُرِهَ سُجُودٌ عَلَى ثَوْبٍ لَا حَصِيرٍ وَتَرْكُهُ أَحْسَنُ)
ش جَعَلَ الشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - السُّجُودَ بِاعْتِبَارِ مَحِلِّهِ