وَأَمَّا الرَّجُلُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْمَرْأَةِ لِلَّذَّةِ، وَأَمَّا لِغَيْرِ اللَّذَّةِ فَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ عِنْد قَوْلِ الرِّسَالَةِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَرَاهَا إلَخْ وَقَعَ فِي كَلَامِ ابْنِ مُحْرِزٍ فِي أَحْكَامِ الرَّجْعَةِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّظَرَ لِوَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِغَيْرِ لَذَّةٍ جَائِزٌ بِغَيْرِ سَتْرٍ، قَالَ: وَالنَّظَرُ إلَى وَجْهِهَا وَكَفَّيْهَا لِغَيْرِ لَذَّةٍ جَائِزٌ اتِّفَاقًا، لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ يُنْظَرُ إلَيْهِ وَكَلَامُهُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الرَّجْعِيَّةِ وَكَلَامُ الشَّيْخِ هُنَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِهِ، وَأَنَّهُ إنَّمَا يُبَاحُ النَّظَرُ لِوَجْهِ الْمُتَجَالَّةِ دُونَ الشَّابَّةِ إلَّا لِعُذْرٍ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ.
ص (كَكَشْفِ أَمَةٍ فَخْذًا لَا رِجْلًا)
ش: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ: أَصْلُ الْعَوْرَةِ مِنْ سُرَّتِهِ إلَى رُكْبَتَيْهِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْأَمَةُ فَإِنَّهَا تَسْتُرُ فِي الصَّلَاةِ مَا يَسْتُرُ الرَّجُلُ وَلَوْ صَلَّتْ هِيَ وَالرَّجُلُ مَكْشُوفَيْ الْبَطْنِ أَضَرَّهُمَا وَلَوْ صَلَّتْ الْأَمَةُ مَكْشُوفَةَ الْفَخْذِ لَأَعَادَتْ فِي الْوَقْتِ عِنْدَ أَصْبَغَ بِخِلَافِ الرَّجُلِ إذَا صَلَّى مَكْشُوفَ الْفَخْذِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ سَحْنُونٌ فِي كَلَامِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَنْ نَظَرَ إلَى إمَامِهِ مُنْكَشِفًا أَعَادَ الصَّلَاةَ ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ النَّظَرَ؛ لِأَنَّهُ مُرْتَكِبٌ لِلْمَحْظُورِ فِي صَلَاتِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَنْظُرْ إذْ لَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا حَرَجَ وَيَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ أَنْ تَبْطُلَ صَلَاةُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِي صَلَاتِهِ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْعِصْيَانِ، خِلَافُ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِذَلِكَ، قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ سَرَقَ دَرَاهِمَ لِرَجُلٍ انْتَهَى مِنْ سَمَاعِ مُوسَى وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّهُ وَفِي بُطْلَانِ صَلَاةِ مَنْ تَعَمَّدَ نَظَرَ عَوْرَتِهِ مِنْ مَأْمُومِيهِ قَوْلَا سَحْنُونٍ وَالتُّونُسِيُّ وَخَرَّجَ ابْنُ رُشْدٍ عَلَيْهِمَا بُطْلَانَهَا بِغَصْبٍ فِيهَا وَنَقَلَ ابْنُ حَارِثٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ مُتَّفِقًا عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ عَيْشُونٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَفِي مَسَائِلِ الصَّلَاةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ فِي مَسَائِلِ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ مَسْأَلَةُ مَنْ سَقَطَ ثَوْبُهُ فَرَدَّهُ فِي الْحَالِ فِي صَلَاتِهِ قَوْلَانِ انْتَهَى. وَقَبْلَهُ مَسْأَلَةُ مَنْ حَسَّ فِي ذَكَرِهِ نَدَاوَةً وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَرَفَعَهُ وَنَظَرَهُ فَلَمْ يَرَ بِهِ شَيْئًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ رَأَى عَوْرَةَ نَفْسِهِ انْتَهَى.
ص (وَمَعَ مَحْرَمٍ غَيْرِ الْوَجْهِ وَالْأَطْرَافِ)
ش: قَالَ الْأَبِيُّ عَنْ عِيَاضٍ: وَعَوْرَتُهَا عَلَى ذِي الْمَحْرَمِ مَا سِوَى الذِّرَاعَيْنِ وَسِوَى مَا فَوْقَ الْمَنْحَرِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَعَوْرَتُهَا أَيْ الْمَرْأَةِ مَعَ مَحْرَمٍ مِنْ الرِّجَالِ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَأَطْرَافَ الْقَدَمَيْنِ وَالْكُوعَيْنِ وَالشَّعْرَ مِنْ الرَّأْسِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ انْتَهَى. قَالَ الْقَرَافِيُّ فِي جَامِعِ الذَّخِيرَةِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ الرَّجُلُ إلَى شَعْرِ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَلَا يَنْبَغِي إنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ أَنْ تُعَانِقَهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْمُوَطَّإِ فِي فَصْلِ السُّنَّةِ مِنْ الشَّعْرِ قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ يَنْظُرُ إلَى شَعْرِ امْرَأَةِ ابْنِهِ أَوْ شَعْرِ أُمِّ امْرَأَتِهِ بَأْسٌ، قَالَ الْبَاجِيُّ: قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَيْسَ عَلَى الرَّجُلِ إلَخْ، يُرِيدُ - وَاَللَّهُ أَعْلَمُ - عَلَى الْوَجْهِ الْمُبَاحِ مِنْ نَظَرِهِ إلَى ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَابْنَتِهِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ عَلَى وَجْهِ الِالْتِذَاذِ وَالِاسْتِمْتَاعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى. وَقَالَ الْأَبِيُّ: وَأَظُنُّهُ عَنْ النَّوَوِيِّ وَكُلُّ مَا أُبِيحَ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّمَا هُوَ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ وَأَمَّا مَعَ الشَّهْوَةِ فَمُمْتَنِعٌ حَتَّى نَظَرُ الرَّجُلِ إلَى ابْنَتِهِ وَأُمِّهِ وَكُلِّ مَا مُنِعَ النَّظَرُ إلَيْهِ أَيْضًا مِنْ جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّمَا هُوَ لِغَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنْ كَانَ لِحَاجَةٍ جَازَ وَانْتَهَى. وَقَالَ فِي جَامِعِ الْكَافِي: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْظُرَ إلَى وَجْهِ أُمِّ امْرَأَتِهِ وَشَعْرِهَا وَكَفَّيْهَا وَكَذَلِكَ زَوْجَةُ أَبِيهِ وَزَوْجَةُ ابْنِهِ وَلَا يَنْظُرُ مِنْهُنَّ إلَى مِعْصَمٍ وَلَا سَاقٍ وَلَا جَسَدٍ وَلَا يَجُوزُ تَرْدَادُ النَّظَرِ وَإِدَامَتُهُ إلَى امْرَأَةٍ شَابَّةٍ مِنْ ذَوِي الْمَحَارِمِ أَوْ غَيْرِهِنَّ إلَّا عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَالضَّرُورَةِ فِي الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا وَإِنَّمَا يُبَاحُ النَّظَرُ إلَى الْقَوَاعِدِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا وَالسَّلَامَةُ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلُ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ فِي شَرْحِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ: وَجَائِزٌ أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْوَجْهِ وَالْكَفَّيْنِ مِنْهَا كُلُّ مَنْ نَظَرَ إلَيْهَا بِغَيْرِ رِيبَةٍ وَلَا مَكْرُوهٍ وَأَمَّا النَّظَرُ لِلشَّهْوَةِ فَحَرَامٌ تَأَمُّلُهَا مِنْ فَوْقِ ثِيَابِهَا بِالشَّهْوَةِ فَكَيْفَ بِالنَّظَرِ إلَى وَجْهِهَا مُسْفِرَةً انْتَهَى
ص (وَتَرَى مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَا يَرَاهُ مِنْ مَحْرَمِهِ)
ش قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ