فَرَغَ مِنْ غَسْلِ الدَّمِ وَرَجَعَ لِصَلَاتِهِ يَرْجِعُ بِغَيْرِ تَكْبِيرٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ صَلَاتِهِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِصَلَاتِهِ بِتَكْبِيرِ مَنْ خَرَجَ مِنْهَا بِسَلَامٍ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ص (وَأَتَمَّ مَكَانَهُ إنْ ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ وَأَمْكَنَ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ إلَيْهِ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَرَجَعَ إنْ ظَنَّ بَقَاءَهُ أَوْ شَكَّ وَلَوْ بِتَشَهُّدٍ وَفِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا الْأَوَّلُ الْجَامِعُ وَإِلَّا بَطَلَتَا)

ش يَعْنِي أَنَّ الرَّاعِفَ إذَا غَسَلَ الدَّمَ وَأَرَادَ إتْمَامَ الصَّلَاةِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ جُمُعَةً أَوْ غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَتْ جُمُعَةً فَسَيَأْتِي حُكْمُهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ جُمُعَةٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُدْرِكُ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ الصَّلَاةِ أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ وَأَحْرَى إنْ عَلِمَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ مَوْضِعُهُ ظَاهِرًا تَتَهَيَّأُ فِيهِ الصَّلَاةُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنهُ إتْمَامُ الصَّلَاةِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يَغْسِلُ فِيهِ الدَّمَ لِنَجَاسَتِهِ أَوْ لِضِيقِهِ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَذْهَبُ إلَى أَقْرَبِ الْمَوَاضِعِ إلَيْهِ مِمَّا يَصْلُحُ لِلصَّلَاةِ فَيُتِمُّ فِيهِ صَلَاتَهُ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا بَطَلَتْ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَإِلَى قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْأَقْرَبُ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُتِمَّ مَكَانَهُ مَعَ ظَنِّهِ مَعَ فَرَاغِ الْإِمَامِ بَلْ رَجَعَ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ الْإِمَامُ فَإِنَّ صَلَاتَهُ تَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ لِمُخَالَفَتِهِ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَكَذَا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِتْمَامُ بِمَوْضِعِهِ وَقُلْنَا يَتَجَاوَزُهُ إلَى الْأَقْرَبِ فَتَجَاوَزَهُ إلَى الْأَبْعَدِ فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا إنْ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ حَتَّى يُدْرِكَ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ وَلَوْ التَّشَهُّدُ أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ هَذَا حُكْمُ غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَأَمَّا إنْ أَصَابَهُ الرُّعَافُ فِي الْجُمُعَةِ وَخَرَجَ لِغَسْلِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مُطْلَقًا إلَى أَوَّلِ مَكَان مِنْ الْجَامِعِ أَيْ سَوَاءٌ ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ وَأَنَّهُ يُدْرِكُ شَيْئًا مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ ظَنَّ فَرَاغَهُ وَعَلِمَ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الْجَامِعِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَى الْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ بَطَلَتَا.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مُسْتَنِدُ الظَّنِّ فِي فَرَاغِ الْإِمَامِ وَبَقَائِهِ يَرْجِعُ إلَى تَقْدِيرِهِ وَاجْتِهَادِهِ أَوْ إلَى خَبَرِ عَدْلٍ قَالَهُ صَاحِبُ الْجَمْعِ وَيُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ (الثَّانِي) قَوْلُهُ إذَا ظَنَّ فَرَاغَ إمَامِهِ أَتَمَّ مَكَانَهُ يُرِيدُ سَوَاءً ظَنَّ فَرَاغَهُ عِنْدَ إتْمَامِ غَسْلِهِ وَظَنَّ أَنَّهُ الْآنَ بَاقٍ وَلَكِنَّهُ يَفْرُغُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَيْهِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ يُتِمُّ مَكَانَهُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ قَالَ اللَّخْمِيُّ إذَا غَسَلَ الرَّاعِفُ الدَّمَ أَتَمَّ فِي مَوْضِعِهِ إذَا كَانَ فَذًّا أَوْ مَأْمُومًا وَكَانَ إذَا رَجَعَ وَلَمْ يُدْرِكْ شَيْئًا مِنْ صَلَاةِ إمَامِهِ انْتَهَى.

(الثَّالِثُ) إذَا ظَنَّ بَقَاءَ الْإِمَامِ فَرَجَعَ ثُمَّ ظَنَّ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَرَاغَ الْإِمَام فَإِنَّهُ يُتِمُّ مَكَانَهُ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا فَفِي أَقْرَبِ مَوْضِعٍ يُمْكِنهُ الْإِتْمَامُ فِيهِ فَإِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ شُرَّاحُ ابْنِ الْحَاجِبِ.

(الرَّابِعُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا ظَنَّ فَرَاغَ الْإِمَامِ أَتَمَّ مَكَانَهُ وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ الْمَدِينَةِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي مَسْجِدِ مَكَّةَ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى الْمَسْجِدِ وَلَوْ سَلَّمَ الْإِمَامُ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ الْبَاجِيُّ فَجَعَلَ الرُّجُوعَ لِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ انْتَهَى.

وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِرِوَايَةِ النَّسَائِيّ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرِ الْكِتَابِ: إنَّ مَسْجِدَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ كَغَيْرِهِمَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرَوَى النَّسَائِيُّ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَيْهِمَا مُطْلَقًا قَالَ الْبَاجِيُّ: فَجَعَلَ الرُّجُوعَ لِفَضِيلَةِ الْمَكَانِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَغَيْرِهِ مِنْ شُرَّاحِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَجَعَلُوا هَذِهِ الرِّوَايَةَ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ أَنَّهَا الْمَذْهَبُ فَإِنَّهُ قَالَ: فَرْعٌ وَلَوْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الرَّسُولِ قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّهُ يَرْجِعُ إلَى إتْمَامِ الصَّلَاةِ فَرَاعَى فَضْلَ الْبُقْعَةِ وَعَلَى قَوْل ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ لِذَلِكَ انْتَهَى. وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ الْقَرَافِيُّ وَصَدَّرَ بِالرُّجُوعِ ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ لَا يَرْجِعُ وَيَعْنِي بِقَوْلِ ابْنِ شَعْبَانَ مَا سَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الرَّاعِفَ لَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا ظَنَّ أَنَّهُ يُدْرِكُ مَعَ الْإِمَامِ رَكْعَةً وَأَمَّا إنْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يُدْرِكُ مَعَهُ رَكْعَةً فَلَا يَرْجِعُ لِأَنَّ مَا يُدْرِكْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015