عِنْدَنَا لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِلَالًا أَنْ يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ» وَكَرِهَهُ الشَّافِعِيُّ لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد أَيْضًا «أَنَّ زِيَادَ بْنَ الْحَارِثِ الصُّدَائِيَّ بِضَمِّ الصَّادِ وَتَخْفِيفِ الدَّالِ الْمُهْمَلَتَيْنِ وَبِالْمَدِّ، قَالَ أَمَرَنِي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنْ أُؤَذِّنَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَأَذَّنْتُ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ، فَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - إنَّ أَخَا صُدَاءٍ قَدْ أَذَّنَ، وَمَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» وَصُدَاءٌ حَيٌّ بِالْيَمَنِ وَجَوَابُهُ أَنَّ حَدِيثَ الْحَارِثِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ فِيهِ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ وَأَمَّا الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ فَحَسَنٌ وَأَيْضًا فَأَجَابَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ حَدِيثَ الصُّدَائِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِمَامِ مَنْ يَرَاهُ؛ لِأَنَّ الصُّدَائِيَّ كَانَ قَرِيبَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ فَأَرَادَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تَأْلِيفَهُ.
ص (وَحِكَايَتُهُ قَبْلَهُ)
ش: هَكَذَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ إنَّ عَجَّلَ قَبْلَهُ بِالْحِكَايَةِ فَلَا بَأْسَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ تِلَاوَةٍ أَوْ شُغْلٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ رَوَى عَلِيٌّ أَحَبُّ إلَى بَعْدَهُ، وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ فِي ذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ وَكَانَ الْمُؤَذِّنُ بَطِيئًا فَلَهُ أَنْ يُعَجِّلَ قَبْلَهُ لِيَرْجِعَ إلَى مَا كَانَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ فَالْأَحْسَنُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقِيقَةُ الْحِكَايَةِ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ بِاخْتِصَارٍ، قَالَ وَفِيهَا إنْ عَجَّلَ قَبْلَهُ فَلَا بَأْسَ رَوَى عَلِيٌّ " أَحَبُّ إلَى بَعْدَهُ " الْبَاجِيُّ إنْ كَانَ فِي ذِكْرٍ أَوْ صَلَاةٍ فَالْأَوَّلُ وَإِلَّا فَالثَّانِي انْتَهَى. وَذَكَرَ صَاحِبُ الطِّرَازِ رِوَايَةَ عَلِيٍّ ثُمَّ، قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَفْقَهُ، وَوَجْهُهُ بَيِّنٌ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مَعْقُولٌ، وَهُوَ الذِّكْرُ وَالتَّمْجِيدُ، وَهَذَا الْمَعْنَى حَاصِلٌ وَالْعَمَلُ يُقَوِّيهِ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) فَإِنْ لَمْ يَحْكِهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ أَذَانِهِ، قَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ فَلَهُ حِكَايَتُهُ إنْ شَاءَ، قَالَهُ فِي الذَّخِيرَةِ انْتَهَى.
(قُلْتُ) وَهُوَ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ الْمُتَقَدِّمِ حَيْثُ قَالَ: إذَا قُلْنَا لَا يَحْكِيهِ فِي الْفَرِيضَةِ حَكَاهُ بَعْدَ فَرَاغِهَا انْتَهَى. هُوَ أَقْوَى مِنْ كَلَامِ الْأَقْفَهْسِيِّ؛ لِأَنَّهُ جَزْمٌ بِطَلَبِ الْحِكَايَةِ، وَكَلَامُ الْأَقْفَهْسِيِّ يَقْتَضِي التَّخْيِيرَ وَأَيْضًا فَتَعْلِيلُ صَاحِبِ الطِّرَازِ جَوَازُ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ الذِّكْرُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، وَلَا يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَحْكِيَ الْأَذَانَ إذَا فَاتَ وَلَوْ طَالَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ مَا قَرُبَ مِنْ الشَّيْءِ يُعْطَى حُكْمَهُ فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمَسَائِلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَأُجْرَةٌ عَلَيْهِ أَوْ مَعَ صَلَاةٍ وَكُرِهَ عَلَيْهَا)