يَتَعَلَّقُ بِالْوَقْتِ الْمُخْتَارِ فَإِنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ لِلْمَغْرِبِ بِمُزْدَلِفَةَ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ، فَقَالَ مُوَجِّهًا لِذَلِكَ الْقَوْلِ مَا نَصُّهُ: " لِأَنَّهُ قَدْ خَرَجَ وَقْتُهَا الْمُخْتَارُ وَوَقْتُ الْأَذَانِ لِلصَّلَاةِ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ انْتَهَى ". وَقَالَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَذَانِ الصُّبْحِ وَذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ يُؤَذَّنُ لَهَا مِنْ حِينِ خُرُوجِ وَقْتِ الْعِشَاءِ، وَهُوَ عِنْدِي شَطْرُ اللَّيْلِ مَا نَصُّهُ: " لَمَّا كَانَ النِّصْفُ الْأَوَّلُ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْأَذَانُ لِغَيْرِهَا امْتَنَعَ الْأَذَانُ فِيهِ لَهَا وَالشَّطْرُ الثَّانِي لَا يُؤَذَّنُ فِيهِ لِغَيْرِهَا فَكَانَ وَقْتًا لِأَذَانِهَا انْتَهَى ". وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ عَنْ أَشْهَبَ: أَنَّهُ لَا أَذَانَ لِوَقْتِيَّةٍ يُفِيتُهَا الْأَذَانُ انْتَهَى. وَفِي مَسَائِلِ الشَّيْخِ إبْرَاهِيمَ بْنِ هِلَالٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ لَا بَأْسَ بِالْأَذَانِ مَا لَمْ يَخْرُجْ الْوَقْتُ الْمُسْتَحَبُّ وَأَوَّلُ الْوَقْتِ أَوْلَى انْتَهَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

ص (وَلَوْ جُمُعَةً)

ش: حَكَى اللَّخْمِيُّ فِي وُجُوبِ الْأَذَانِ لِلْجُمُعَةِ قَوْلَيْنِ وَاخْتَارَ هُوَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الْوُجُوبَ وَعَزَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ الْجُمُعَةِ لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَصَرَّحَ الْجُزُولِيُّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ: بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ سُنَّةٌ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَعَزَا صَاحِبُ الطِّرَازِ الْوُجُوبَ لِبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَ: وَاخْتَارَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّا لَمْ نَشْتَرِطْ فِي الْجُمُعَةِ الْإِقَامَةَ، وَهِيَ أَخَصُّ بِالصَّلَاةِ مِنْ الْأَذَانِ فَكَيْفَ نَشْتَرِطُ الْأَذَانَ فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ السَّعْيِ وَتَحْرِيمُ الْبَيْعِ قُلْنَا لَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ وَوُجُوبِهِ وَإِنَّمَا هِيَ مُرَاعَاةُ وُجُوبِهِ انْتَهَى.

ص (وَهُوَ مُثَنَّى)

ش: قَالَ الشَّارِحُ: أَيْ مُثَنَّى التَّكْبِيرِ لَا مُرَبَّعَ التَّكْبِيرِ كَمَا يَقُولُهُ الْمُخَالِفُ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ جُمَلِ الْأَذَانِ كَمَا قَالَ فِي الْإِقَامَةِ: مُفْرَدَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: وَلَوْ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ "، وَعَلَى هَذَا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ أَعْنِي قَوْلَهُ فِي آخِرِ الْأَذَانِ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مُثَنَّى الْجُمَلِ إلَّا الْجُمْلَةَ الْأَخِيرَةَ انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ: " مُثَنَّى " بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَالنُّونِ الْمُشَدَّدَةِ مِنْ التَّثْنِيَةِ وَلَيْسَ مَفْتُوحَ الْمِيمِ سَاكِنَ الثَّاءِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَعْدُولٌ مِنْ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ فَيَقْتَضِي أَنَّ جُمَلَهُ مُرَبَّعَةٌ، وَهُوَ خِلَافُ الْمُرَادِ، وَتَعْبِيرُنَا بِالْجُمَلِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ بَعْضِهِمْ بِالْكَلِمَاتِ، قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْأَذَانُ سَبْعَ عَشَرَةَ جُمْلَةً، وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ سَبْعَ عَشَرَةَ كَلِمَةً مَجَازٌ عَبَّرُوا بِالْكَلِمَةِ عَنْ الْكَلَامِ، وَإِلَّا فَكَلِمَاتُهُ ثَمَانٍ وَسِتُّونَ كَلِمَةً انْتَهَى.

(قُلْتُ) هَذَا فِي غَيْرِ أَذَانِ الصُّبْحِ وَيَزِيدُ أَذَانَ الصُّبْحِ ثَمَانِ كَلِمَاتٍ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، (فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ لَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ لَمْ يُجْزِهِ انْتَهَى.

(قُلْتُ) وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا، وَإِنْ أَذَّنَ فَأَخْطَأَ فَأَقَامَ سَاهِيًا ابْتَدَأَ الْأَذَانَ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ أَرَادَ الْأَذَانَ فَأَقَامَ لَمْ يُجْزِهِ، وَفِي الْعَكْسِ قَوْلَا مَالِكٍ وَأَصْبَغَ انْتَهَى. وَنَقَلَ قَبْلَهُ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَوْ شَفَعَ الْإِقَامَةَ غَلَطًا، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُجْزِئُ وَالْمَشْهُورُ لَا يُجْزِئُ وَعَنْ ابْنِ يُونُسَ الْأَوَّلُ: لِأَصْبَغَ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَأَقَامَ فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى. وَلَفْظُ الْمَازِرِيِّ، قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا لَوْ: شَفَعَ الْإِقَامَةَ غَلَطًا لَأَجْزَأَهُ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ كَمَا لَوْ أَوْتَرَ الْأَذَانَ، وَإِنْ كَانَ الْأَذَانُ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّهُ لَا يُوتِرُ.

(تَنْبِيهٌ) ، قَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقَةِ: النِّيَّةُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْأَذَانِ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَغَلِطَ فَأَقَامَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ أَذَانًا مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ إقَامَةً؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الْإِقَامَةَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُقِيمَ فَأَذَّنَ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إقَامَةً مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُصَلِّيَ بِغَيْرِ إقَامَةٍ، وَقَالَ قَبْلَهُ مَنْ أَخَذَ فِي ذِكْرِ اللَّهِ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ بَدَا لَهُ عَقِبَ مَا كَبَّرَ أَنْ يُؤَذِّنَ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْأَذَانَ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ يُبْنَى عَلَى تَكْبِيرِهِ الَّذِي مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ أَذَانٌ فَبَانَ بِذَلِكَ أَنَّ النِّيَّةَ مُعْتَبَرَةٌ فِيهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ فِي الْجَلَّابِ: إنْ أَرَادَ الْأَذَانَ فَأَقَامَ أَوْ الْإِقَامَة فَأَذَّنَ أَعَادَ حَتَّى يَكُونَ عَلَى نِيَّةٍ لِفِعْلِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ نِيَّةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015