وَالْأَوَّلُ ظُهُورُهُ لَكُمْ وَالْإِسْفَارُ الثَّانِي هُوَ قُوَّةُ الْحُمْرَةِ وَالضِّيَاءِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَذَلِكَ آخِرُ وَقْتِهَا الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ إلَّا ظُهُورُ قُرْصِ الشَّمْسِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ هَلْ هُوَ وَقْتُ أَدَائِهَا، أَوْ وَقْتُ ضَرُورَةٍ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ الشَّيْخُ فِي الرِّسَالَةِ وَآخِرُ وَقْتِهَا الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ الَّذِي إذَا سَلِمَ مِنْهَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْقَوْلَيْنِ فِي آخِرِ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ وَتَفْسِيرُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ يَرْجِعُ بِهِمَا إلَى وِفَاقٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي جَعَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ آخِرَ الْوَقْتِ إسْفَارٌ مُقَيَّدٌ وَهُوَ الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ الْإِسْفَارِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي مُقَيَّدٌ بِالْأَعْلَى قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ آخِرُ وَقْتِهَا إذَا أَسْفَرَ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَرَائِيَ الْوُجُوهِ لَا عَلَى مَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ الَّذِي إذَا سَلِمَ مِنْهَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَفْسِيرُ أَبِي مُحَمَّدٍ إيَّاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّهُ الَّذِي إذَا سَلِمَ مِنْهَا بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ يَرْجِعُ بِهِمَا إلَى وِفَاقٍ - نَظَرٌ؛ لِاحْتِمَالِ تَفْسِيرِهِ بِتَقْدِيرِ: الصَّلَاةُ لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا، وَكَوْنُ الْآخَرِ مَا بَعْدَ التَّمَامِ مَا بِهِ التَّمَامُ كَتَحْدِيدِهِمْ إيَّاهُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ بَلْ الرَّاجِعُ بِهِمَا إلَيْهِ نَصَّ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ آخِرُهُ الْإِسْفَارُ الَّذِي إذَا تَمَّتْ الصَّلَاةُ بَدَا حَاجِبُ الشَّمْسِ وَسَقَطَ الْوَقْتُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ سَقَطَ الْوَقْتُ يَنْفِي احْتِمَالَ الْأَمْرَيْنِ انْتَهَى، فَتَأَمَّلْ كَلَامَهُ فَإِنِّي لَمْ أَفْهَمْهُ، وَقَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِهِ الْأَوَّلِ أَعْنِي قَوْلَهُ لِاحْتِمَالِ تَفْسِيرِهِ بِتَقْدِيرِ الصَّلَاةِ لَا بِجَوَازِ فِعْلِهَا يَعْنِي أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ آخِرَ الْوَقْتِ الْإِسْفَارُ الْبَيِّنُ وَمَا بَعْدَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ بَيَانُ الْإِسْفَارِ الْبَيِّنِ الَّذِي ذَكَرَ بِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ لَا أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُفْعَلَ فِي ذَلِكَ الْمِقْدَارِ اخْتِيَارٌ، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِبَيَانِ بَاقِي كَلَامِهِ وَلَعَلَّ ذَلِكَ لِوُضُوحِهِ عِنْدَهُ وَنَقَلَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ بِالْمَعْنَى فَقَالَ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: فِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصْدُهُ بِقَوْلِهِ آخِرَ وَقْتِهَا الضَّرُورِيِّ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِعْلُهَا فِيهِ وَلِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْآخَرِ مَا بَعْدَ التَّمَامِ لَا مَا بِهِ التَّمَامُ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ.
(فَصْلٌ) وَأَمَّا قَوْلُهُ وَهِيَ الْوُسْطَى فَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ صَلَاةَ الصُّبْحِ هِيَ الصَّلَاةُ الْوُسْطَى، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ وَلَكِنْ قَالَ أَصْحَابُهُ قَدْ قَالَ إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي وَقَدْ صَحَّ الْحَدِيثُ أَنَّهَا الْعَصْرُ فَصَارَ مَذْهَبُهُ أَنَّهَا الْعَصْرُ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ هِيَ الْعَصْرُ وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ.
وَقِيلَ: هِيَ الظُّهْرُ حَكَاهُ فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَقِيلَ: إنَّهَا الْمَغْرِبُ قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ وَقَتَادَةُ، وَقِيلَ: هِيَ الْعِشَاءُ ذَكَرَهُ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ النَّيْسَابُورِيُّ، وَقِيلَ: هِيَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ ذَكَرَهُ النَّقَّاشُ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقِيلَ: هِيَ مُبْهَمَةٌ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ لِيَجْتَهِدَ فِي الْجَمِيعِ كَمَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالسَّاعَةِ الَّتِي فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ قَالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ خَيْثَمٍ وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْمُسَيِّبِ، وَقِيلَ: هُمَا صَلَاتَا الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَعَزَاهُ الدِّمْيَاطِيُّ لِلْأَبْهَرِيِّ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ صَلَّى الْبَرْدَيْنِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» وَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَصَلَاةٍ قَبْلَ غُرُوبِهَا» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقِيلَ: إنَّهَا الْجُمُعَةُ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقِيلَ: إنَّهَا الْعِشَاءُ وَالصُّبْحُ قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ ذَكَرَهُ ابْنُ مِقْسَمٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقِيلَ: إنَّهَا صَلَاةُ الْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَقِيلَ: إنَّهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ حَكَاهُ الدِّمْيَاطِيُّ وَقَالَ حَكَاهُ لَنَا مَنْ يُوثَقُ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَقِيلَ: الْأَضْحَى قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ حَكَاهُ لَنَا مَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ الْمُطَوَّلَةِ، وَقِيلَ: صَلَاةُ عِيدِ الْفِطْرِ حَكَاهُ لَنَا أَيْضًا مَنْ حَكَى صَلَاةَ الْأَضْحَى، وَقِيلَ: إنَّهَا الْوِتْرُ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحَسَنِ السَّخَاوِيُّ، وَقِيلَ: إنَّهَا صَلَاةُ الضُّحَى قَالَ الدِّمْيَاطِيُّ ذَاكَرْتُ فِيهَا أَحَدَ شُيُوخِي فَقَالَ أَظُنُّ أَنِّي وَقَفْتُ عَلَى قَوْلٍ أَنَّهَا صَلَاةُ