قَوْلِهِ وَأَخَذَ الظِّلُّ فِي الزِّيَادَةِ وَمَا حَكَاهُ الْجَوْهَرِيُّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ مُوَافِقٌ لِمَا اخْتَارَهُ النَّوَوِيُّ وَذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ قُتَيْبَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَاشْتَرَكَتَا بِقَدْرِ إحْدَاهُمَا وَهَلْ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى، أَوْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ؟ خِلَافٌ) .

ش لَمَّا ذَكَرَ أَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ هُوَ أَوَّلُ وَقْتِ الْعَصْرِ لَزِمَ قَطْعًا حُصُولُ الِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّهُ لَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ آخِرَ وَقْتِ الظُّهْرِ عِنْدَ تَمَامِ الْقَامَةِ الْأُولَى، وَأَوَّلَ وَقْتِ الْعَصْرِ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ بِقَدْرِ مَا يُسَلَّمُ مِنْ الظُّهْرِ وَيُبْدَأُ بِالْعَصْرِ دُونَ فَاصِلٍ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ قَالَ: وَقِيلَ: إنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ بَيْنَ الْوَقْتَيْنِ فَاصِلَةً، فَإِنْ قُلْتَ: لَا يَصْلُحُ لِلظُّهْرِ وَلَا لِلْعَصْرِ فِي الِاخْتِيَارِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عَنْهُ قَالَ وَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَصْرَ مُشَارِكَةٌ لِلظُّهْرِ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ إمَامَةِ جِبْرِيلَ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّبِيِّ الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ الْعَصْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَاخْتَلَفَ الَّذِينَ ذَهَبُوا إلَى هَذَا الْمَذْهَبِ هَلْ الْعَصْرُ هِيَ الْمُشَارِكَةُ لِلظُّهْرِ فِي آخِرِ الْقَامَةِ، أَوْ الظُّهْرُ هِيَ الْمُشَارِكَةُ لِلْعَصْرِ فِي أَوَّلِ ابْتِدَاءِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ؟ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْعَصْرَ هِيَ الْمُشَارِكَةُ لِلظُّهْرِ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى انْتَهَى. كَلَامُهُ فِي الْمُقَدِّمَاتِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالِاشْتِرَاكِ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ فَذَلِكَ بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ أَحَدَهُمَا فَلَوْ أَنَّ مُصَلِّيَيْنِ صَلَّى أَحَدُهُمَا الظُّهْرَ وَالْآخَرُ الْعَصْرَ كَانَا مُصَلِّيَيْنِ فِي وَقْتِ الِاخْتِيَارِ وَشَهَّرَ ابْنُ عَطَاءٍ وَابْنُ رَاشِدٍ الْقَوْلَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَدَّمَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَشَهَّرَ سَنَدٌ وَابْنُ الْحَاجِبِ الْقَوْلَ بِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي أَوَّلِ الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ وَإِلَى هَذَيْنِ التَّشْهِيرَيْنِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: " خِلَافٌ " قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَمَنْشَأُ الْخِلَافِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ جِبْرِيلَ: " فَصَلَّى الظُّهْرَ مِنْ الْغَدِ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ " هَلْ مَعْنَاهُ شَرَعَ، أَوْ فَرَغَ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى حَقِيقَةِ اللَّفْظِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عَكَسَ الشَّارِحُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي شُرُوحِهِ الثَّلَاثَةِ النَّقْلَ عَنْ سَنَدٍ وَابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَطَاءِ اللَّهِ فَنَسَبَ لِسَنَدٍ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَنَسَبَ لِابْنِ رَاشِدٍ وَابْنِ عَطَاءٍ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَالصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُهُ وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ.

(الثَّانِي) حَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي آخِرِ الْأُولَى قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: وَلَمْ أَقِفْ عَلَيْهِ فِي الْأُمَّهَاتِ يَعْنِي لِأَشْهَبَ وَالْمَنْقُولِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّهُ قَالَ فِي مُدَوَّنَتِهِ إذْ الظُّهْرُ تُشَارِكُ الْعَصْرَ فِي الْقَامَةِ الثَّانِيَةِ فِي مِقْدَارِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ نَعَمْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَجْمُوعَةِ إذَا صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الْقَامَةِ أَجْزَأَهُ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ التُّونُسِيُّ قَالَ: الِاشْتِرَاكُ إنَّمَا هُوَ فِي آخِرِ الْقَامَةِ الْأُولَى وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنَّ الْقَامَةَ وَقْتٌ لَهُمَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَرْجُو لِمَنْ صَلَّى الْعَصْرَ قَبْلَ الْقَامَةِ وَالْعِشَاءَ قَبْلَ مَغِيبِ الشَّفَقِ أَنْ يَكُونَ قَدْ صَلَّى، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ عَرَفَةَ انْتَهَى.

(قُلْتُ:) لَعَلَّ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْعَصْرَ تُشَارِكُ الظُّهْرَ فِي جَمِيعِ وَقْتِهَا بَعْدَ مُضِيِّ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ الزَّوَالِ كَمَا حَكَاهُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصَّهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ آخَرُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّ وَقْتَ الْعَصْرِ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ مِنْ الزَّوَالِ فَيَشْتَرِكَ فِي ذَلِكَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ إلَى أَنْ يَبْقَى قَدْرُ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَيَخْتَصُّ بِالْعَصْرِ قَالَ: وَكَذَلِكَ الْعِشَاءُ تُشَارِكُ الْمَغْرِبَ بَعْدَ مُضِيِّ قَدْرِ ثَلَاثِ رَكَعَاتٍ ثُمَّ لَا تَزَالُ إلَى أَنْ يَبْقَى أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الْفَجْرِ فَيَخْتَصُّ ذَلِكَ بِالْعِشَاءِ انْتَهَى.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي فَصْلِ الْجَمْعِ عَنْ أَشْهَبَ نَحْوَهُ وَقَالَ اتَّفَقَ مَالِكٌ وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِ عَلَى إبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُشْتَرِكَتَيْ الْوَقْتِ لِعُذْرِ السَّفَرِ وَالْمَرَضِ وَالْمَطَرِ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى اخْتِلَافٍ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ وَاخْتَلَفُوا فِي إبَاحَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا لِغَيْرِ عُذْرٍ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015