وَقَدْ صَرَّحَ بِجَوَازِهِ أَبُو حَامِدٍ فِي الْإِحْيَاءِ.
(قُلْتُ) ، وَلَا شَكَّ فِي جَوَازِهِ، وَعُمُومُ نُصُوصِهِمْ كَالصَّرِيحَةِ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: وَالْحَائِضُ تَشُدُّ إزَارَهَا وَشَأْنُهُ بِأَعْلَاهَا، كَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ وَالْمُوَطَّإِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ: شَأْنَهُ بِأَعْلَاهَا، أَيْ: يُجَامِعُهَا فِي أَعْكَانِهَا وَبَطْنِهَا، أَوْ مَا شَاءَ مِنْهَا مِمَّا هُوَ أَعْلَاهَا، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الْوَطْءِ فِيمَا فَوْقَ الْإِزَارِ، انْتَهَى.
بِالْمَعْنَى
ص (وَلَوْ بَعْدَ نَقَاءٍ وَتَيَمُّمٍ)
ش: هُمَا مَسْأَلَتَانِ الْأُولَى جَوَازُ وَطْئِهَا بَعْدَ النَّقَاءِ وَقَبْلَ الْغُسْلِ حَكَى ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ الْمَشْهُورُ الْمَنْعُ وَالْجَوَازُ فِي الْمَبْسُوطَةِ عَنْ ابْنِ نَافِعٍ وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْبَغْدَادِيِّينَ تَأَوَّلَ قَوْلَ مَالِكٍ عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ الْكَرَاهَةُ لِابْنِ بُكَيْرٍ وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ جَوَازُ الْوَطْءِ بَعْدَ النَّقَاءِ وَالتَّيَمُّمِ إذَا لَمْ يَجِدْ الْمَاءَ وَفِيهَا قَوْلَانِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: يَجُوزُ. اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَإِنْ كَانَ فِي سَفَرٍ، وَلَمْ يَجِدْ مَاءً وَطَالَ السَّفَرُ جَازَ لَهُ أَنْ يُصِيبَهَا وَاسْتُحِبَّ لَهَا أَنْ تَتَيَمَّمَ قَبْلُ وَتَنْوِيَ بِهِ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ، انْتَهَى وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَفْعِ حَدَثِهَا، وَلَوْ جَنَابَةً)
ش:. أَمَّا رَفْعُ حَدَثِهَا مِنْ الْحَيْضِ فَمُتَّفَقٌ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ: لَا خِلَافَ أَنَّ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لَا يَرْفَعُ حُكْمَ الْحَدَثِ مِنْ جِهَتِهِمَا مَا دَامَا مُتَّصِلَيْنِ، وَإِنَّمَا يَرْفَعُ بَعْد انْقِطَاعِهِمَا، انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ الْحَدَثُ الْأَصْغَرُ لَمْ أَرَ خِلَافًا فِي أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُمَا، انْتَهَى.
وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِي رَفْعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَرْتَفِعُ وَقِيلَ إنَّهُ يَرْتَفِعُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَفَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي إبَاحَةِ الْقِرَاءَةِ بِالْغُسْلِ وَثَالِثُهَا إنْ طَرَأَتْ الْجَنَابَةُ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ طَرَأَ الْحَيْضُ جَازَ، انْتَهَى.
فَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَائِضَ إذَا كَانَتْ جُنُبًا لَا تَقْرَأُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: يَأْتِي فِي الْمَرْأَةِ تَجْنُبُ ثُمَّ تَحِيضُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا، وَإِنْ لَمْ تَغْتَسِلْ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْجَنَابَةِ مُرْتَفِعٌ مِنْ الْحَيْضِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ الْقُرْآنَ ظَاهِرًا، وَإِنْ اغْتَسَلَتْ لِلْجَنَابَةِ، وَالثَّالِثُ لَيْسَ لَهَا أَنْ تَقْرَأَ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ تَغْتَسِلَ لِلْجَنَابَةِ، انْتَهَى.
وَوَقَعَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ نُسَخِ الشَّرْحِ الصَّغِيرِ عَكْسُ النَّقْلِ فَحَكَى الِاتِّفَاقَ عَلَى رَفْعِ حَدَثِ الْجَنَابَةِ وَالْخِلَافَ فِي رَفْعِ حَدَثِ الْحَيْضِ وَذَكَرَهُ فِي الْكَبِيرِ وَالْوَسَطِ عَلَى الصَّوَابِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَدُخُولِ مَسْجِدٍ)
ش: عَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْمُكْثِ وَالْمُرُورِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْجَمِيعَ مُتَّفِقٌ عَلَى مَنْعِهِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي دُخُولِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ الْمَسْجِدَ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ وَأَجَازَهُ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ إذَا كَانَ عَابِرَ سَبِيلٍ وَأَجَازَهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَسْلَمَةَ جُمْلَةً وَقَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْحَائِضِ أَنْ تَدْخُلَ الْمَسْجِدَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَأْمَنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَيْضَةِ مَا يُنَزَّهُ عَنْهُ الْمَسْجِدُ وَيَدْخُلُهُ الْجُنُبُ؛ لِأَنَّهُ يَأْمَنُ ذَلِكَ قَالَ: وَهُمَا فِي أَنْفُسِهِمَا طَاهِرَانِ سَوَاءٌ وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ كَوْنُهُمَا فِيهِ إذَا اسْتَثْفَرَتْ. انْتَهَى.
ص (فَلَا تَعْتَكِفُ، وَلَا تَطُوفُ)
ش: إنَّمَا نَبَّهَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَنْعُ مِنْ دُخُولِ الْمَسْجِدِ يَقْتَضِي الْمَنْعَ مِنْهُمَا إذْ شَرْطُهُمَا الْمَسْجِدُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُبَاحُ دُخُولُ الْمَسْجِدِ لِخَوْفِ لُصُوصٍ، أَوْ سِبَاعٍ ثُمَّ لَا يُبَاحُ لَهَا الطَّوَافُ، وَلَا الِاعْتِكَافُ إذْ شَرْطُ الطَّوَافِ الطَّهَارَةُ وَشَرْطُ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ وَالْحَيْضُ يَمْنَعُ مِنْهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَمَسُّ مُصْحَفٍ) . ش عَدَّهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ فَقَالَ: الْخَامِسُ مَسُّ الْمُصْحَفِ وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ شَاذٌّ فِي غَيْرِ الْمَذْهَبِ، انْتَهَى.
وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَعَدَّهُ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ