الْمُبْتَدَأَةِ فَإِنَّهَا لَمْ تَتَقَرَّرْ فِي حَقِّهَا عَادَةٌ فَإِذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ أَوَّلًا فَهُوَ عَلَامَةٌ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْقَصَّةِ فِي حَقِّهَا فَلَا مَعْنَى لِلتَّأْخِيرِ لِأَجْلِ أَمْرٍ مَشْكُوكٍ وَمَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاضِحٌ إنْ كَانَتْ صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا ذَكَرَ أَنَّهَا رَأَتْ الْجُفُوفَ، وَلَمْ تَرَ الْقَصَّةَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا نَقَلَ الْبَاجِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّهَا رَأَتْ الْقَصَّةَ وَتَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ فَإِيرَادُ الْبَاجِيّ صَحِيحٌ فَتَأَمَّلْهُ، انْتَهَى كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَلِلْأَبِيِّ نَحْوُهُ.
(قُلْتُ) وَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى غَيْرِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَنَقَلَاهُ بِالْمَعْنَى وَأَسْقَطَا مِنْهُ بَعْدَ قَوْلِهِ خُرُوجُهَا عَنْ عَادَتِهَا رِيبَةٌ مَا نَصُّهُ: فَلَا تَنْتَقِلُ عَنْ عَادَتِهَا إلَى مَا هُوَ أَضْعَفُ فَإِذَا وَجَدَتْ مَا هُوَ أَقْوَى وَجَبَ إطْرَاحُ عَادَتِهَا، انْتَهَى.
وَلَفْظُ الرِّوَايَةِ فِي النَّوَادِرِ كَمَا ذَكَرَ الْبَاجِيُّ وَكَذَا ذَكَرَهَا ابْنُ يُونُسَ وَصَاحِبُ الطِّرَازِ لَكِنْ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُطَرِّفٍ فِي الْمُبْتَدَأَةِ أَنْ لَا تَغْتَسِلَ حَتَّى تَرَى الْجُفُوفَ ثُمَّ تَعْمَلَ عَلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهَا وَنَقَلَ عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الشَّرْحِ عَنْهُمَا أَنَّهَا إذَا رَأَتْ الْجُفُوفَ تَطْهُرُ بِهِ ثُمَّ تُرَاعِي بَعْدُ مَا يَظْهَرُ مِنْ أَمْرِهَا مِنْ جُفُوفٍ أَوْ قَصَّةٍ وَقَالَ: إنَّ هَذَا هُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا عَلَامَتَانِ فَأَيُّهُمَا وَجَدَتْ قَامَتْ مَقَامَ الْأُخْرَى وَنَقْلُهُ أَصَحُّ فِي الْمَعْنَى وَأَبْيَنُ فِي النَّظَرِ مِمَّا حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَلَامٌ مُتَنَاقِضٌ فِي ظَاهِرِهِ، انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي الشَّرْحِ يَعْنِي بِهِ شَرْحَ الرِّسَالَةِ وَأَغْفَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ جَمِيعَهُ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْمُبْتَدَأَةِ تَرَدُّدٌ أَيْ: هَلْ تَكْتَفِي بِإِحْدَى الْعَلَامَتَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَابْنُ رُشْدٍ وَالْمَازِرِيُّ، أَوْ تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ كَمَا ذَكَرَ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ؟ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَصَحُّ كَيْفَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مُعْتَادَةَ الْجُفُوفِ إذَا رَأَتْ الْقَصَّةَ اكْتَفَتْ بِهَا، وَلَا تَنْتَظِرُ الْجُفُوفَ مَعَ أَنَّهَا مُعْتَادَةٌ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
ص (وَلَيْسَ عَلَيْهَا نَظَرُ طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ بَلْ عِنْدَ النَّوْمِ وَالصُّبْحِ)
ش يُرِيدُ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ وَيَجِبُ ذَلِكَ فِي أَوَائِلِهَا وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَيَتَعَيَّنُ ذَلِكَ فِي آخِرِهَا بِمِقْدَارِ مَا يَسَعُ أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ الصَّلَوَاتِ كَمَا قَالَهُ فِي رَسْمِ اغْتَسَلَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَحْوِهِ لِلْبَاجِيِّ وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَ الْمَوَّاقُ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَلْزَمُ الْمَرْأَةَ تَفَقُّدُ طُهْرِهَا بِاللَّيْلِ وَالْفَجْرِ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُهَا إذَا أَرَادَتْ النَّوْمَ أَوَقَامَتْ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَعَلَيْهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ فِي أَوْقَاتِ الصَّلَوَاتِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَجِبُ تَفَقُّدُ طُهْرِهَا عِنْدَ النَّوْمِ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لِاحْتِمَالِ إدْرَاكِ الْعِشَاءَيْنِ وَالصَّوْمِ فَقِيلَ: بِوُجُوبِهِ، قَالَهُ الدَّاوُدِيُّ، وَقِيلَ: لَا يَجِبُ رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذْ لَيْسَ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ وَكِلَاهُمَا حَكَاهُ الْبَاجِيُّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَجِبُ فِي وَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ وُجُوبًا مُوَسَّعًا وَيَتَعَيَّنُ آخِرَهُ بِحَيْثُ تُؤَدِّيهَا فَلَوْ شَكَّتْ فِي طُهْرِهَا قَبْلَ الْفَجْرِ قَضَتْ الصَّوْمَ لَا الصَّلَاةَ وَنَقَلَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ إنْ رَأَتْهُ غَدْوَةً وَشَكَّتْ فِي كَوْنِهِ قَبْلَ الْفَجْرِ لَمْ تَقْضِ صَلَاةَ لَيْلَتِهَا وَصَامَتْ إنْ كَانَتْ فِي