بِطُهْرٍ غَيْرِ تَامٍّ الْمَشْهُورُ كَمُتَّصِلٍ تَغْتَسِلُ كُلَّمَا انْقَطَعَ فَتَطْهُرُ حَقِيقَةً وَقَالَ فِي الْإِرْشَادِ: وَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَتَصُومُ أَيَّامَ انْقِطَاعِهِ، وَلَا تُوطَأُ قَالَ الشَّيْخُ زَرُّوق فِي شَرْحِهِ: قَوْلُهُ لَا تُوطَأُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ مِنْ الْمَذْهَبِ بَلْ لَمْ يَقِفْ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ بِخُصُوصِهَا، انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) نُصُوصُ الْمَذْهَبِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا وَغَيْرَهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ صَوْمَهَا صَحِيحٌ مُجْزِئٌ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ، وَلَمْ أَرَ نَصًّا صَرِيحًا وَلَكِنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَنَّ الصَّوْمَ فِي ذِمَّتِهَا بِيَقِينٍ فَلَا تَبْرَأُ مِنْهُ إلَّا بِيَقِينٍ، انْتَهَى.
بِالْمَعْنَى وَمَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (مِنْ قُبُلِ مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً)
ش: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: مِنْ قُبُلِ، مِمَّا يَخْرُجُ مِنْ الدُّبُرِ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ حَيْضًا وَبِقَوْلِهِ: مَنْ تَحْمِلُ عَادَةً، مِنْ الصَّغِيرَةِ وَالْيَائِسَةِ. أَمَّا الصَّغِيرَةُ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَدَمُ بِنْتِ سِتٍّ وَنَحْوِهَا لَيْسَ بِحَيْضٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَيَخْرُجُ دَمُ بِنْتِ سَبْعٍ وَنَحْوِهَا وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي انْتِهَاءِ الصِّغَرِ فَقَالَ تِسْعٌ، وَقِيلَ: بِأَوَّلِهَا، وَقِيلَ: بِوَسَطِهَا، وَقِيلَ: بِآخِرِهَا، انْتَهَى.
وَقَالَ صَاحِبُ الطِّرَازِ: كَلَامُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لِلدَّمِ بِأَنَّهُ حَيْضٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي أَوَانِ الْبُلُوغِ بِمُقَدِّمَاتٍ وَأَمَارَاتٍ مِنْ نُفُورِ الثَّدْيِ وَنَبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ وَعَرَقِ الْإِبْطِ وَشَبَهِهِ فَأَمَّا بِنْتُ خَمْسٍ وَشَبَهُهَا إذَا رَأَتْ دَمًا فَإِنَّمَا يَكُونُ مِنْ بَوَاسِيرَ وَشَبَهِهَا، وَلَيْسَ بِحَيْضٍ وَسِنُّ النِّسَاءِ قَدْ يَخْتَلِفُ فِي الْبُلُوغِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: أَعْجَلُ مَنْ سَمِعْت النِّسَاءَ يَحِضْنَ نِسَاءُ تِهَامَةٍ يَحِضْنَ لِتِسْعِ سِنِينَ وَرَأَيْت جَدَّةً لَهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ سَنَةً فَالْوَاجِبُ أَنْ يُرْجَعَ فِي ذَلِكَ إلَى مَا يَعْرِفُهُ النِّسَاءُ فَهُنَّ عَلَى الْفُرُوجِ مُؤْتَمَنَاتٌ، فَإِنْ شَكَكْنَ أُخِذَ فِي ذَلِكَ بِالْأَحْوَطِ، انْتَهَى.
وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَاخْتُلِفَ فِي ابْتِدَاءِ سِنِّ الْيَأْسِ فَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: خَمْسُونَ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَمْ يَحْكِ الْبَاجِيُّ غَيْرَهُ قَالَ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي سِنِّهَا وَوَجْهُ قَوْلِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ابْنَةُ خَمْسِينَ عَجُوزٌ فِي الْغَابِرِينَ وَقَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: قَلَّ امْرَأَةٌ تُجَاوِزُ خَمْسِينَ فَتَحِيضُ إلَّا أَنْ تَكُونَ قُرَشِيَّةً وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: سَبْعُونَ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَالسِّتُّونَ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْأَلُ النِّسَاءُ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ الْأَبِيُّ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ بِنْتُ السَّبْعِينَ آيِسٌ وَغَيْرُهَا يُسْأَلُ النِّسَاءُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ يَعْنِي فِي الصَّغِيرَةِ وَالْآيِسَةِ بِقَوْلِهِ لَيْسَ بِحَيْضٍ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فِي الصَّغِيرَةِ، وَأَمَّا الْآيِسَةُ فَكَذَلِكَ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ عِدَّتَهَا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ وَاخْتُلِفَ فِي الْعِبَادَةِ وَالْمَشْهُورُ كَمَا قَالَ، وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا انْقَطَعَ هَذَا الدَّمُ لَا غُسْلَ عَلَيْهَا وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا تَتْرُكُ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ عَلَيْهَا الْغُسْلُ عِنْدَ انْقِطَاعِهِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ ابْنُ حَبِيبٍ، انْتَهَى.
وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي غُسْلِهَا مُفَرَّعٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي كَوْنِهِ حَيْضًا أَمْ لَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَوْنُ دَمِهَا حَيْضًا فِي الْعِبَادَاتِ قَوْلَا الصَّقَلِّيِّ عَنْ أَشْهَبَ مَعَ الشَّيْخِ عَنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ مَعَهَا وَعَلَيْهِ فِي وُجُوبِ الْغُسْلِ لِانْقِطَاعِهِ قَوْلَا ابْنِ حَبِيبٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ، انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ لِابْنِ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ ابْنِ يُونُسَ يُوَافِقُ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ.
ص (وَإِنْ دَفْعَةً)
ش: قَالَ فِي الصِّحَاحِ: الدُّفْعَةُ مِنْ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ بِالضَّمِّ مِثْلُ الدُّفْقَةِ وَالدَّفْعَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ الْوَاحِدَةُ.
(قُلْتُ) وَالْمَعْنَيَانِ صَحِيحَانِ (فَإِنْ قُلْتَ) أَهْلُ الْمَذْهَبِ يَقُولُونَ إنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ غَيْرُ مَحْدُودٍ فَالدَّفْعَةُ حَيْضٌ وَإِذَا كَانَتْ الدَّفْعَةُ حَيْضًا وَلَا أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ فَالدَّفْعَةُ حَدٌّ لِأَقَلِّهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَقَلَّهُ لَا حَدَّ لَهُ بِالزَّمَانِ.
(تَنْبِيهٌ) الدَّفْعَةُ حَيْضٌ، وَلَيْسَتْ حَيْضَةً إذْ الْحَيْضَةُ مَا يَقَعُ الِاعْتِدَادُ بِهِ فِي الْعِدَّةِ وَالِاسْتِبْرَاءِ، قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ
ص (وَأَكْثَرُهُ لِمُبْتَدِئَةٍ نِصْفُ شَهْرٍ) . ش قَالَ