مَنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ جَسَدِهِ إلَّا كَالْيَدِ وَنَحْوِهَا فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ، وَأَمَّا مَنْ بَقِيَ مِنْ جَسَدِهِ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَكِنَّهُ إذَا غَسْلَ الصَّحِيحَ يَضُرُّ الْجَرِيحَ فَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِ: فَرْضُهُ التَّيَمُّمُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ وَقَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ التَّيَمُّمِ عِنْدَ قَوْلِهَا وَاَلَّذِي أَتَتْ الْجِرَاحُ عَلَى أَكْثَرِ جَسَدِهِ وَلَا يَسْتَطِيعُ مَسَّهَا بِالْمَاءِ وَاَلَّذِي غَمَرَتْ الْجِرَاحُ جَسَدَهُ وَرَأْسَهُ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِي مَسْأَلَةِ إذَا لَمْ يَبْقَ إلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ: فَلَوْ غَسَلَ مَا صَحَّ وَمَسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ لَمْ يُجْزِهِ كَصَحِيحٍ وَجَدَ مَا لَا يَكْفِيهِ وَرَدَّهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّ مَسْحَ الْجُرْحِ مَشْرُوعٌ وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِنَفْسِهِ فَقَالَ: فِيهِ مُنَاقَشَةٌ إذْ الْمَسْحُ عَلَى مَوْضِعِ الشَّجَّةِ وَالْجَبِيرَةِ مَعْهُودٌ فِي الشَّرْعِ وَلَا كَذَلِكَ فِي حَقِّ الْعَادِمِ لِلْمَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قُلْتُ) أَمَّا لَوْ غَسَلَ جَرِيحٌ أَكْثَرَ الْجَسَدِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ كَانَ فَرْضُهُ التَّيَمُّمَ نَصَّ عَلَى ذَلِكَ الْمَازِرِيُّ وَنَصَّ عَلَيْهِ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ، وَكَذَلِكَ نَصَّ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْمَرِيضِ الَّذِي يَخْشَى بِالصِّيَامِ حُصُولَ عِلَّةٍ وَأَنَّهُ وَإِنْ صَامَ يُجْزِئُهُ، وَكَذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الظِّهَارِ وَلَوْ تَكَلَّفَ الْمُعْسِرُ الْعِتْقَ جَازَ، انْتَهَى.

ص (وَإِنْ تَعَذَّرَ مَسُّهَا وَهِيَ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ تَرَكَهَا وَتَوَضَّأَ) .

ش تَعَذَّرَ مَسُّهَا إمَّا بِأَنْ لَا يَقْدِرَ أَنْ يَمَسَّهَا أَصْلًا لَا بِالْمَاءِ، وَلَا بِغَيْرِهِ، وَلَوْ عَلَى الْجَبِيرَةِ أَوْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَمَسَّهَا بِالْمَاءِ مِنْ غَيْرِ جَبِيرَةٍ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَضَعَ عَلَيْهَا جَبِيرَةً كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي أَشْفَارِ الْعَيْنِ، أَوْ لَا تَثْبُتُ كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ الْمَارِنِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فَإِنْ شَقَّ فَعَلَ الْجَبِيرَةَ، أَوْ تَعَذَّرَ غَسْلُ مَا سِوَاهُ إنْ كَانَ بِمَحِلِّ التَّيَمُّمِ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَلَا مُلَاقَاتُهُ بِالْمَاءِ، فَإِنْ كَانَ فِي مَوْضِعِ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ يُمْكِنْ مَسْحُهُ أَيْضًا بِالتُّرَابِ فَلَيْسَ إلَّا الْوُضُوءُ وَتَرَكَهُ بِلَا غَسْلٍ وَلَا مَسْحٍ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ عِنْدَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَإِنْ كَانَ يَتَضَرَّرُ بِمَسْحِهَا، أَوْ لَا تَثْبُتُ، أَوْ لَا يُمْكِنُ وَهِيَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ تَرَكَهَا وَغَسَلَ مَا سِوَاهَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: يَعْنِي أَنَّهُ يَتَضَرَّرُ إذَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَى الْجَبِيرَةِ لِلْمَسْحِ بِأَنْ تَزُولَ مَثَلًا كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي أَشْفَارِ الْعَيْنِ وَفِي التَّوْضِيحِ الضَّمِيرُ فِي مَسِّهَا عَائِدٌ إلَى الْجِرَاحِ أَيْ يَتَضَرَّرُ بِمَسِّهَا بِالْمَاءِ وَأَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ شَاسٍ لَوْ كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يُمْكِنُ وَضْعُ شَيْءٍ عَلَيْهِ وَلَا مُلَاقَاتُهُ بِالْمَاءِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَا يَثْبُتُ إذَا كَانَتْ الْجَبِيرَةُ إذَا رُبِطَتْ لَا تَثْبُتُ كَمَا لَوْ كَانَتْ تَحْتَ الْمَارِنِ، أَوْ لَا يُمْكِنُ رَبْطُ الْجُرْحِ كَمَا لَوْ كَانَتْ فِي أَشْفَارِ الْعَيْنِ وَهِيَ يَعْنِي الْقُرْحَةَ فِي أَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ كَمَا مَثَّلْنَا بِهِ فِي الْوَجْهِ تَرَكَهَا وَغَسَلَ مَا سِوَاهَا وَكَانَتْ كَعُضْوٍ قُطِعَ، وَفَائِدَةُ قَوْلُهُ وَهِيَ بِأَعْضَاءِ التَّيَمُّمِ، وَلَمْ يَقُلْ وَهِيَ فِي أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَهُ مَسْحُهَا بِالتُّرَابِ انْتَقَلَ عَنْ الْوُضُوءِ إلَى التَّيَمُّمِ، قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ إلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْمَسْحُ بِالتُّرَابِ تَرَكَهَا بِلَا مَسْحٍ وَلَا غَسْلٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ إلَّا وُضُوءٌ نَاقِصٌ أَوْ تَيَمُّمٌ نَاقِصٌ فَالْوُضُوءُ النَّاقِصُ أَوْلَى مِنْ التَّيَمُّمِ النَّاقِصِ، انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ بِأَعْضَاءِ تَيَمُّمِهِ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ إلَى الْمِرْفَقَيْنِ.

ص (وَإِلَّا فَثَالِثُهَا يَتَيَمَّمُ إنْ كَثُرَ وَرَابِعُهَا يَجْمَعُهُمَا)

ش: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْأَحْوَطُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ مِثْلُ مَا لَا يَصِلُ إلَيْهِ الصَّحِيحُ مِنْ جَسَدِهِ فِي الْغُسْلِ وَحَكَى ابْنُ الْحَاجِبِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ الْأَقْوَالَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ (قُلْتُ) وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ أَحْوَطُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ مَعْزُوَّةً.

(قُلْتُ) عَزَا ابْنُ عَرَفَةَ الْأَوَّلَ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِيَ لِغَيْرِهِ وَالثَّالِثَ لِنَقْلِ ابْنِ بَشِيرٍ وَالرَّابِعَ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ نَزَعَهَا لِدَوَاءٍ، أَوْ سَقَطَتْ وَإِنْ بِصَلَاةٍ قَطَعَ وَرَدَّهَا وَمَسَحَ)

ش قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الطَّهَارَةِ مَسْأَلَةٌ: وَقَالَ فِي الرَّجُلِ يَتَوَضَّأُ فَيَمْسَحُ عَلَى الْجَبَائِرِ وَهِيَ فِي مَوَاضِعِ الْوُضُوءِ ثُمَّ يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ فَسَقَطَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015