وَكَيْفَ بِهِ إذَا كَانَ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ فَمَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَأَجْنَبَ الثَّانِي وَانْتَقَضَ وُضُوءُ الثَّالِثِ مَنْ أَوْلَاهُمْ بِذَلِكَ؟ وَكَيْفَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَصْنَعُوا؟ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا كَانَ الْمَاءُ لِلْمَيِّتِ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ يُغَسَّلُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ وَكَانَ قَدْرُ مَا يَكْفِي وَاحِدًا يَغْتَسِلُ بِهِ فَالْحَيُّ أَوْلَى بِهِ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُيَمَّمُ الْمَيِّتُ قَالَ الْقَاضِي: قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَهُمْ وَهُوَ قَدْرُ مَا يَغْتَسِلُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَأَجْنَبَ الثَّانِي وَانْتَقَضَ وُضُوءُ الثَّالِثِ فَالْحَيُّ أَوْلَى بِهِ يَتَوَضَّأُ بِهِ أَيْ: الْحَيُّ الَّذِي انْتَقَضَ وُضُوءُهُ أَوْلَى بِنَصِيبِهِ مِنْهُ يَتَوَضَّأُ بِهِ وَيُتَيَمَّمُ الْمَيِّتُ يُرِيدُ وَيَتَيَمَّمُ الْحَيُّ الْجُنُبُ أَيْضًا إذْ لَيْسَ فِيمَا يَبْقَى مِنْ الْمَاءِ بَعْدَ أَخْذِهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ نَصِيبَهُ مِنْهُ مَا يَكْفِي وَاحِدًا مِنْهُمَا لِلْغُسْلِ، وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَا يَكْفِي وَاحِدًا مِنْهُمَا لَكَانَ الْحَيُّ أَوْلَى بِهِ عَلَى مَا فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ مِنْ كِتَابِ الْجَنَائِزِ إذْ لَا يُقَاوَمُ عَلَى الْمَيِّتِ وَيَغْرَمُ قِيمَةَ حِصَّةِ الْمَيِّتِ لِوَرَثَتِهِ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَاءُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَهُوَ قَدْرُ مَا يَكْفِي أَحَدَهُمَا لِلْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَتَقَاوَمَاهُ فِيمَا بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمَاءُ لِأَحَدِهِمْ فَصَاحِبُهُ أَوْلَى بِهِ حَيًّا كَانَ أَوْ مَيِّتًا، انْتَهَى.

وَعَزَاهَا ابْنُ عَرَفَةَ لِسَمَاعِ عِيسَى وَانْظُرْ أَيْضًا آخِرَ سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَنَوَازِلِهِ.

ص (وَتَسْقُطُ صَلَاةٌ وَقَضَاؤُهَا بِعَدَمِ مَاءِ وَصَعِيدٍ) .

ش قِيلَ: يُصَلِّي وَيَقْضِي، وَقِيلَ: لَا يُصَلِّي، وَلَا يَقْضِي، وَقِيلَ: يُصَلِّي وَلَا يَقْضِي، وَقِيلَ: لَا يُصَلِّي وَيَقْضِي قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا مُتَيَمَّمًا ... فَأَرْبَعَةُ الْأَقْوَالِ يَحْكِينَ مَذْهَبًا

يُصَلِّي وَيَقْضِي عَكْسَ مَا قَالَ مَالِكٌ ... وَأَصْبَغُ يَقْضِي وَالْأَدَاءُ لِأَشْهَبَا

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ الْمَسْأَلَةَ خَاصَّةٌ بِمَنْ عَدِمَ الْمَاءَ وَالصَّعِيدَ وَهِيَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ الْعَدَمِ بَلْ هِيَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْعَجْزِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ الْمَائِيَّةِ وَالتُّرَابِيَّةِ إمَّا لِعَدَمِهِمَا أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ: الْعَاجِزُ عَنْ اسْتِعْمَالِ الطَّهَارَةِ لِمَرَضٍ، أَوْ عَدُوٍّ، أَوْ سَبُعٍ، أَوْ عَدَمِ قُدْرَةٍ حَتَّى لَا يُمْكِنَهُ تَطْهِيرٌ بِمَاءٍ، أَوْ تُرَابٍ مُخْتَلَفٌ فِيهِ عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ (الْأَوَّلُ) قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ نَافِعٍ: لَا صَلَاةَ وَلَا قَضَاءَ (الثَّانِي) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُصَلِّي وَيَقْضِي (الثَّالِثُ) يُصَلِّي، وَلَا يُعِيدُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَالشَّافِعِيُّ (الرَّابِعُ) يُصَلِّي إذَا قَدَرَ، قَالَهُ أَصْبَغُ (الْخَامِسُ) لَا يُصَلِّي وَيُعِيدُ، قَالَهُ الَّذِي قَالَ: يُومِئُ إلَى التَّيَمُّمِ وَهُوَ أَبُو الْحَسَنِ الْقَابِسِيُّ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَاَلَّذِي أَقُولُ إنَّهُ إنَّمَا يُومِئُ إلَى الْمَاءِ لَا لِلتَّيَمُّمِ (وَالسَّادِسُ) يُومِئُ إلَى التَّيَمُّمِ أَشَارَ إلَيْهِ مُتَأَخِّرًا وَالْأَظْهَرُ قَوْلُ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّ الطَّهَارَةَ شَرْطُ أَدَاءً لَا شَرْطُ وُجُوبٍ وَعَدَمُهَا لَا يَمْنَعُ مِنْ جَعْلِهَا كَسَائِرِ شُرُوطِهَا مِنْ شُرُوطِ طَهَارَةِ ثَوْبٍ وَاسْتِقْبَالِ قِبْلَةٍ، انْتَهَى.

وَهَذَا الْقَوْلُ الْخَامِسُ الَّذِي ذَكَرَهُ لَمْ يَتَحَرَّرْ لِي فَهْمُهُ وَرَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ لَا يُصَلِّي وَيُعِيدُ وَفِي نُسْخَةٍ أُخْرَى لَا يُصَلِّي، وَلَا يُعِيدُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ فَهُوَ يَرْجِعُ إلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى يَرْجِعُ إلَى الْقَوْلِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فَإِنَّهُ يَقُولُ لَا يُصَلِّي بَلْ يُؤَخِّرُ إلَى أَنْ يَجِدَ أَحَدَ الطُّهْرَيْنِ وَعَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ يَرْجِعُ لِلْقَوْلِ الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ الْخَامِسَ أَنَّهُ يُومِئُ إلَى الْمَاءِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ. اُنْظُرْ فِي النَّوَادِرِ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَائِلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ فِيمَنْ انْكَسَرَتْ بِهِ الْمَرْكَبُ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْوُضُوءُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ إثْرَ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَمَنْ لَمْ يَجِدْ مَاءً وَلَا تُرَابًا وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِي الْمَرْبُوطِ وَالْمَرِيضِ لَا يَجِدُ مُنَاوِلًا، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَهُ أَنْ يُومِئَ إلَى الْأَرْضِ أَمْ لَا وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ عَنْ الْقَابِسِيِّ يُومِئُ الْمَرْبُوطُ لِلتَّيَمُّمِ بِالْأَرْضِ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ كَإِيمَائِهِ بِالسُّجُودِ إلَيْهَا، انْتَهَى.

وَقَالَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَاجِّ فِي الْمَدْخَلِ فِي بَابِ الْحَجِّ: إنَّ الْإِيمَاءَ مَشْهُورُ مَذْهَبِ مَالِكٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ تَعَالِيقِ أَبِي عِمْرَانَ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ الْقَابِسِيِّ وَانْظُرْ شَرْحَ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَيَكُونُ سُجُودُهُ أَخْفَضَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015