أَنْ يُدْرِكَ الصَّلَاةَ وَهُوَ فِي مَعْدِنِهِ، وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ فَيَتَيَمَّمُ بِتُرَابِهِ لَا بِمَا يَبْقَى مِنْهُ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَاللَّخْمِيُّ يُمْنَعُ بِالْجِيرِ وَالْآجُرِّ وَالْجِصِّ بَعْدَ حَرْقِهِ وَالْيَاقُوتِ وَالزَّبَرْجَدِ وَالرُّخَامِ وَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنْ تَعَذَّرَ سِوَى مَا مُنِعَ وَضَاقَ الْوَقْتُ تَيَمَّمَ بِهِ، انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ اللَّخْمِيِّ لَيْسَ فِي التَّبْصِرَةِ مَجْمُوعًا كَمَا ذَكَرَهُ بَلْ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْمَعَادِنِ أَوَّلَ الْفَصْلِ كَمَا ذَكَرْنَا ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْجِصِّ وَالْجِيرِ فِي آخِرِهِ وَزَادَ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّهُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ بِغَيْرِ تَيَمُّمٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالْمَعَادِنِ إلَّا مَعَادِنَ النَّقْدِ يَعْنِي الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَالْجَوَاهِرَ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِالْمَعَادِنِ إلَّا مَعَادِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ مُوَافِقٌ لِلَّخْمِيِّ مُخَالِفٌ لِكَلَامِ صَاحِبِ الطِّرَازِ ثُمَّ يُقَيَّدُ كَلَامُهُ بِمَا إذَا وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَنْقُولٌ كَشَبٍّ وَمِلْحٍ)

ش: قَالَ فِي الْكَبِيرِ: لِأَنَّهُ مَعَ النَّقْلِ لَا يَنْطَلِقُ عَلَيْهِ اسْمُ الصَّعِيدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ التُّرَابِ وَغَيْرِهِ لَا يَظْهَرُ وَنَحْوُهُ فِي الْوَسَطِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا وَقَالَ ابْنُ الْفُرَاتِ هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوْهَرٍ وَمَثَّلَهُ بِالشَّبِّ وَذَكَرَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ كَلَامَ السُّلَيْمَانِيَّة الْآتِي وَقَالَ الْأَقْفَهْسِيُّ: يَعْنِي أَنَّ التَّيَمُّمَ عَلَى الشَّبِّ لَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ يُنْقَلْ جَازَ التَّيَمُّمُ بِهِ وَقَالَ الْبِسَاطِيّ: مَعْطُوفٌ عَلَى نَقْدٍ عَطْفَ الْجُمَلِ أَيْ: يَتَيَمَّمُ بِكَذَا وَكَذَا غَيْرَ الْمَنْقُولِ ثُمَّ أَفَادَ حُكْمًا فِي الشَّبِّ وَالْمِلْحِ مِثْلَ الْحُكْمِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ عَلَى غَيْرِ الْمَنْقُولِ مِنْهُ، وَلَا يَتَيَمَّمُ عَلَى الْمَنْقُولِ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَوَّلِهِ إلَى آخِرِهِ فِيمَا يَتَيَمَّمُ بِهِ وَذَكَرَ بَعْضَ كَلَامِ التَّوْضِيحِ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: قَوْلُهُ مَنْقُولٌ إنْ عُطِفَ عَلَى نَقْدٍ صَحَّ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُتَيَمَّمُ بِمَنْقُولٍ غَيْرِ التُّرَابِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِيهِمَا لَكِنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يُقَيَّدَ بِالْمَعْدِنِ، وَإِنْ عُطِفَ عَلَى غَيْرِهِ لَزِمَ الِاخْتِصَاصُ أَيْضًا، وَإِنْ عُطِفَ عَلَى مَعْدِنٍ احْتَاجَ إلَى تَكَلُّفٍ، انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ قَوْلُهُ: وَمِلْحٍ أَقْرَبُ مَا يُعْطِيهِ اللَّفْظُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى شَبٍّ وَأَنَّهُ أَرَادَ مَنْعَ التَّيَمُّمِ عَلَى الْمَنْقُولِ مِنْ الشَّبِّ وَالْمِلْحِ وَأَمْثَالِهِمَا هَذَا مَا رَأَيْتُهُ مِنْ كَلَامِ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ مَنْقُولٌ مَعْطُوفٌ عَلَى نَقْدٍ وَأَنَّهُ مُضَافٌ لِلْكَافِ فِي قَوْلِهِ كَشَبٍّ وَأَنَّهُ اسْمٌ بِمَعْنَى: مِثْلُ. وَالْمَعْنَى وَيَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِغَيْرِ مَنْقُولٍ مِثْلِ الشَّبِّ وَالْمِلْحِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِالشَّبِّ وَالْمِلْحِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْقُولًا وَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِذَلِكَ إذَا نُقِلَ وَأَنَّهُ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ بِمَنْقُولٍ مَا لَا يُشْبِهُهُمَا كَالْحَجَرِ وَالرَّمْلِ أَمَّا التَّيَمُّمُ عَلَى غَيْرِ الْمَنْقُولِ مِنْ الشَّبِّ وَمَا أَشْبَهَهُ كَالْكِبْرِيتِ وَالزِّرْنِيخِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ ذَلِكَ مَعَ وُجُودِ التُّرَابِ، وَأَمَّا الْمِلْحُ فَلَمْ يَتَقَدَّمْ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي الْمِلْحِ رِوَايَتَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَرِوَايَةُ أَشْهَبَ عَدَمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: جَعَلَهُ كَالْعَدَمِ وَنَقَلَهَا الْبَاجِيّ رِوَايَةً لِابْنِ الْقَاسِمِ، وَقِيلَ: يَتَيَمَّمُ بِالْمَعْدِنِيِّ دُونَ الْمَصْنُوعِ، انْتَهَى.

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ كُلَّهُ فِي غَيْرِ الْمَنْقُولِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ يَقُولُ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا نُقِلَ أَمْ لَا وَجَدَ غَيْرَهُ أَمْ لَا وَنَصُّهُ: وَفِي الْمِلْحِ ثَالِثُهَا الْمَعْدِنِيُّ لِابْنِ الْقَصَّارِ وَبَعْضِ أَصْحَابِ الْبَاجِيِّ مَعَ ابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ السُّلَيْمَانِيَّة مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ طَعَامٌ وَالْبَاجِيُّ مَعَ نَقَلِ اللَّخْمِيِّ وَرَابِعُهَا لِلصَّقَلِّيِّ عَنْ سُلَيْمَانَ وَفِي السُّلَيْمَانِيَّة إنْ كَانَ بِأَرْضِهِ وَضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ غَيْرِهِ، انْتَهَى.

وَأَمَّا عَدَمُ جَوَازِ التَّيَمُّمِ بِالشَّبِّ وَالْمِلْحِ إذَا نُقِلَا وَجَوَازُ التَّيَمُّمِ بِمَنْقُولٍ مَا لَا يُشْبِهُهُمَا كَالْحَجَرِ وَالرَّمْلِ فَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ نُقِلَ التُّرَابُ فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ أَيْ: مِنْ الْحَجَرِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الرَّمْلُ وَالْحِجَارَةُ وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ التُّرَابِ بُعْدٌ، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ هَارُونَ ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فِي تَيَمُّمِ الْمَرِيضِ عَلَى الْجِدَارِ وَنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي السُّلَيْمَانِيَّة: إذَا نُقِلَ الشَّبُّ وَالْكِبْرِيتُ وَالزِّرْنِيخُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا يُتَيَمَّمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015