الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَلَى تَوْرِيثِهِ لَا فِي الْإِرْثِ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ يُوَرَّثُ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ، وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ فَيَسْتَقِيمَ حِينَئِذٍ الْمَتْنُ انْتَهَى.
(قُلْت) وَالظَّاهِرُ أَنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ كَذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيُحْكَمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ فِي نِكَاحِهِ وَمِيرَاثِهِ، وَشَهَادَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ عَنْهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: " الْحُكْمُ فِي الْخُنْثَى بِمَخْرَجِ الْبَوْلِ فَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ ذَكَرِهِ فَهُوَ رَجُلٌ، وَإِنْ كَانَ يَبُولُ مِنْ فَرْجِهِ فَهُوَ جَارِيَةٌ؛ لِأَنَّ النَّسْلَ مِنْ الْمَبَالِ، وَفِيهِ الْوَطْءُ فَيَكُونُ مِيرَاثُهُ، وَشَهَادَتُهُ وَكُلُّ أَمْرِهِ عَلَى ذَلِكَ وَمَا اجْتَرَأْنَا عَلَى سُؤَالِ مَالِكٍ عَنْهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ، ثُمَّ قَالَ قَوْلَهُ الْمُرَاعَى مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ صَحِيحٌ، وَقَوْلُهُ: إنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ مَخْرَجِ الْبَوْلِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ مَخْرَجَهُ غَيْرُ مَخْرَجِ الْحَيْضِ الَّذِي هُوَ مَخْرَجُ الْوَلَدِ وَمَحَلُّ الْوَطْءِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ الْعُقْبَانِيُّ: عِنْدِي أَنَّهُ لَا تَلْزَمُهُ هَذِهِ الْمُضَايَقَةُ، وَإِنَّمَا قَصَدَ أَنَّ الْبَوْلَ إذَا خَرَجَ مِنْ الذَّكَرِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمَنِيَّ يَخْرُجُ مِنْ الذَّكَرِ، وَأَنَّ الْفَرْجَ الْآخَرُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ مَنِيٌّ وَلَا وَلَدٌ، وَأَنَّ الْبَوْلَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْفَرْجِ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ هُوَ مَحَلُّ الْوَطْءِ، وَأَنَّهُ لَا يَكُونُ بِالذَّكَرِ فَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُهُ انْتَهَى.
فَإِنْ بَالَ مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَقَطْ حُكِمَ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْفَرْجِ، قَالَ الْعُقْبَانِيُّ: وَيُسْتَدَلُّ بِالْبَوْلِ قَبْلَ غَيْرِهِ لِعُمُومِ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ فِي الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَلِدَوَامِ وُجُودِهِ فَإِنْ كَانَ صَغِيرًا لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهِ نَظَرَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا فَقِيلَ: يُنْظَرُ فِي الْمِرْآةِ، وَقِيلَ: يَبُولُ عَلَى حَائِطٍ أَوْ مُتَوَجِّهًا إلَى حَائِطٍ قَرِيبٍ فَيُسْتَدَلُّ بِانْدِفَاعِ الْبَوْلِ عَلَى الْحَائِطِ أَوْ إلَى الْحَائِطِ عَلَى الذُّكُورَةِ، وَبِخِلَافِ ذَلِكَ عَلَى الْأُنُوثَةِ فَلَوْ بَالَ مِنْ الْمَحَلَّيْنِ اُعْتُبِرَ الْأَكْثَرُ، وَالْأَسْبَقُ، وَأَنْكَرَ الشَّافِعِيُّ اعْتِبَارَ الْأَكْثَرِ، وَرَآهُ مُتَعَذَّرًا، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ؟ ، وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الْأَكْثَرَ، وَالْآخَرُ الْأَسْبَقَ انْتَهَى.
وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ.
ص (فَإِنْ بَالَ مِنْ وَاحِدٍ وَكَانَ أَكْثَرَ أَوْ أَسْبَقَ)
ش: أَيْ فَلَا إشْكَالَ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَكَلَامِ الْعُقْبَانِيِّ تَقْدِيمُ اعْتِبَارِ الْكَثْرَةِ عَلَى السَّبْقِ، وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ الْجَوَاهِرِ الْآتِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَقَبِلَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا فَمِنْ حَيْثُ سَبَقَ فَإِنْ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا فَمِنْ حَيْثُ يَخْرُجُ الْأَكْثَرُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَسْبَقَ، وَلَا أَكْثَرَ، وَكَانَتْ لَهُ لِحْيَةٌ كَانَ عَلَى حُكْمِ الْغُلَامِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ لِحْيَةٌ، وَكَانَ لَهُ ثَدْيٌ فَعَلَى حُكْمِ الْمَرْأَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَوْ كَانَا كَانَ لَهُ نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى، وَلَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحٌ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ بَالَ مِنْهُمَا جَمِيعًا فَمِنْ أَيِّهِمَا سَبَقَ قَالَ أَيُّوبُ فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُمَا مَعًا، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ يُنْظَرُ مِنْ أَيِّهِمَا خَرَجَ أَكْثَرُ فَيَكُونُ الْحُكْمُ، قَالَ شَيْخُنَا عَتِيقٌ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ الشَّعْبِيُّ، وَقَالَ أَيُكَالُ الْبَوْلُ أَوْ يُوزَنُ؟ ،
وَالْأَوْلَى مَا قَالَتْهُ الْجَمَاعَةُ؛ لِأَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ فِي أَكْثَرِ الْأَحْكَامِ، وَنَقَلَ شَيْخُنَا زَكَرِيَّاءُ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ عَنْ الْقَاضِي أَظُنُّهُ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّهُ قَالَ: أَسْكَتَ أَبُو حَنِيفَةَ أَبَا يُوسُفَ فِي الْخُنْثَى فَإِنَّهُ سَأَلَ أَبَا حَنِيفَةَ بِمَ تَحْكُمُ فِي الْخُنْثَى؟ فَقَالَ بِالْبَوْلِ، فَقَالَ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ يَبُولُ بِهِمَا، فَقَالَ: لَا أَدْرِي، فَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَكِنِّي أَدْرِي أَحْكُمُ بِأَسْبَقِهِمَا فَقَالَ: أَرَأَيْت لَوْ اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ: أَحْكُمُ بِالْكَثْرَةِ، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَيُكَالُ أَمْ يُوزَنُ، فَسَكَتَ أَبُو يُوسُفَ انْتَهَى.
وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ بِالْمُتَأَخِّرِ إذَا اسْتَوَيَا فِي الْخُرُوجِ، وَأَمَّا إذَا سَبَقَ أَحَدُهُمَا، فَالْحُكْمُ لَهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ الْآخَرُ، وَلَوْ بَالَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَرَّةٌ، وَمَنْ الْآخَرِ أُخْرَى أَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَارَةً، وَالْآخَرُ أُخْرَى فَالْعِبْرَةُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَمُشْكِلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فَإِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ فِي الْبَوْلِ أَمْرٌ أُمْهِلَ إلَى الْبُلُوغِ فَإِنْ أَمْنَى مِنْ أَحَدِ الْفَرْجَيْنِ فَوَاضِحٌ أَوْ حَصَلَ حَيْضٌ أَوْ حَمْلٌ أَوْ نَبَتَتْ لَهُ لِحْيَةٌ أَوْ ثَدْيٌ